[فصل الهاء]
  بِمِيثٍ بَثاءٍ نَصِيفِيَّةٍ ... دَمِيثٍ بها الرِّمْثُ والحَيْهَلُ(١)
  وأَما قول لبيد يذكر صاحِباً له في السفر كان أَمَرَه بالرَّحِيل:
  يَتمارَى في الذي قلتُ له ... ولقد يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّهَلْ
  فإِنما سكنه للقافية.
  وقد يقولون حَيَّ من غير أَن يقولوا هَلْ، من ذلك قولهم في الأَذان: حَيَّ على الصلاة حَيَّ على الفَلاح إِنما هو دعاء إِلى الصَّلاةِ والفَلاحِ؛ قال ابن أَحمر:
  أَنْشَأْتُ أَسأَله: ما بالُ رُفْقَتِه ... حَيَّ الحُمولَ، فإِنَّ الركْبَ قد ذهَبا
  قال: أَنْشَأَ يسأَل غلامه كيف أَخذ الركب.
  وحكى سيبويه عن أَبي الخطاب أَن بعض العرب يقول: حَيَّهَلا الصلاة، يصل بهَلا كما يوصل بعَلَى فيقال حَيَّهَلا الصلاة، ومعناه ائتوا الصلاة واقربُوا من الصلاة وهَلُمُّوا إِلى الصلاة؛ قال ابن بري: الذي حكاه سيبويه عن أَبي الخطاب حَيَّهَلَ الصلاةَ بنصب الصلاة لا غير، قال: ومثله قولهم حَيَّهَلَ الثريدَ، بالنصب لا غير.
  وقد حَيْعَلَ المؤَذن كما يقال حَوْلَقَ وتَعَبْشَمَ مُرَكَّباً من كلمتين؛ قال الشاعر:
  أَلا رُبَّ طَيْفٍ منكِ باتَ مُعانِقي ... إِلى أَن دَعَا داعي الصَّباح، فَحَيْعَلا
  وقال آخر:
  أَقولُ لها، ودمعُ العينِ جارٍ: ... أَلمْ تُحْزِنْك حَيْعَلةُ المُنادِي؟
  وربما أَلحقوا به الكاف فقالوا حَيَّهَلَك كما يقال رُوَيْدَك، والكاف للخطاب فقط ولا موضع لها من الإِعراب لأَنها ليست باسم.
  قال أَبو عبيدة: سمع أَبو مَهْدِيَّة الأَعرابي رجلاً يدعو بالفارسية رجلاً يقول له زُوذْ، فقال: ما يقول؟ قلنا: يقول عَجِّل، فقال: أَلا يقول: حَيَّهَلك أَي هَلُمَّ وتَعَال؛ وقول الشاعر:
  هَيْهاؤه وحَيْهَلُه
  فإِنما جعله اسماً ولم يأْمر به أَحداً.
  الأَزهري: عن ثعلب أَنه قال: حيهل أَي أَقبل إِليَّ، وربما حذف فقيل هَلا إِليَّ، وجعل أَبو الدقيش هَل التي للاستفهام اسماً فأَعربه وأَدخل عليه الأَلف واللام، وذلك أَنه قال له الخليل: هَلْ لك في زُبدٍ وتمر؟ فقال أَبو الدقيش: أَشَدُّ الهَلِّ وأَوْحاه، فجعله اسماً كما ترى وعرَّفه بالأَلف واللام، وزاد في الاحتياط بأَن شدَّده غير مضطرّ لتتكمَّل له عدّةُ حروف الأُصول وهي الثلاثة؛ وسمعه أَبو نُوَاس فتلاه فقال للفضل بن الربيع:
  هَلْ لكَ، والهَلُّ خِيَرْ ... فيمَنْ إِذا غِبْتَ حَضَرْ؟
  ويقال: كلُّ حرف أَداة إِذا جعلت فيه أَلِفاً ولاماً صار اسمً فقوِّي وثقِّل كقوله:
  إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ لَوًّا عَناءُ
  قال الخليل: إِذا جاءت الحروف الليِّنة في كلمة نحو لَوْ وأَشباهها ثقِّلت، لأَن الحرف الليِّن خَوَّار أَجْوَف لا بدَّ له من حَشْوٍ يقوَّى به إِذا جُعل اسماً، قال: والحروف الصِّحاح القويَّة مستغنية بجُرُوسِها لا
(١) قوله [بها الرمث والحيهل] هكذا ضبط في الأصل، وضبط في القاموس في مادة حيهل بتشديد الياء وضم الهاء وسكون اللام، وقال بعد ان ذكر الشطر الثاني: نقل حركة اللام إلى الهاء.