لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل التاء المثناة فوقها]

صفحة 73 - الجزء 12

  يقوِّي قول الخليل في تَهامٍ كأَنه منسوب إِلى تَهَمَة أَو تَهْمة؛ قال: وشاهدُ تَهامٍ قول أَبي بكر بن الأَسود المعروف بابن شعوب الليثي وشعوب أُمُّه:

  ذَرِيني أَصْطَبِحْ يا بَكْرُ، إِني ... رأَيتُ الموت نقَّب عن هِشامِ

  تَخَيَّره ولم يَعْدِلَ سِواه ... فَنِعْمَ المَرْءُ من رجُل تَهامِ

  وأَتْهَم الرجلُ وتَتَهَّمَ: أَتَى تِهامَةَ؛ قال الممزَّق العَبْدِيّ:

  فإِنْ تُتْهِمُوا أُنْجِدْ خِلافاً عليكُم ... وإِنْ تُعْمِنوا مُستَحْقبي الحَرب أُعْرِق

  قال ابن بري: صواب إِنْشاد البيت:

  فإِنْ يُتْهِموا أُنْجِدْ خلافاً عليهمُ

  على الغَيبة لا على الخطاب، يُخاطب بذلك بعض الملوك ويَعْتَذِرُ إِليه لسُوءٍ بلَغه عنه؛ وقيل البيت:

  أَكَلَّفْتَني أَدْواءَ قَومٍ تَرَكْتُهْم ... فإِلَّا تَداركْني من البَحْر أَغْرَق

  أَي كلَّفْتَنِي جنايات قوم أَنا منهم بريء ومُخالِف لهم ومُتباعد عنهم، إِن أَتْهَموا أَنْجَدْت مخالِفاً لهم، وإِن أَنْجَدوا أَعْرَقْت، فكيف تأْخُذني بذَنْب مَن هذه حاله؟ وقال أُمية بن أَبي عائذ الهُذليّ:

  شَآم يَمان مُنْجِد مُتَتَهِّم ... حِجازِيَّة أَعْجازُه وهو مُسْهِلُ

  قال الرِّياشيّ: سمعت الأَعراب يقولون: إِذا انْحَدرْت من ثَنايا ذاتِ عِرْق فقد أَتْهَمْت.

  قال الرِّياشيّ: والغُوْرُ تهِامةُ، قال: وأَرض تَهِمةٌ شديدة الحرّ، قال: وتَبالةُ من تِهامةَ.

  وفي الحديث: أَنَّ رجلاً أَتى النبي، ، وبه وَضَحٌ، فقال: انظُرْ بَطْن وادٍ مُنْجِدٍ ولا مُتْهِمٍ فَتَمَعَّكْ فيه، ففعل فلم يَزِدِ الوَضَحُ حتى مات؛ فالمُتْهِمُ: الذي يَنْصبُّ ماؤه إِلى تِهامةَ؛ قال الأَزهري: لم يُرد سيدُنا رسولُ الله، ، أَنَّ الوادي ليس من نَجْد ولا تِهامةَ، ولكنه أَراد حداًّ منهما فليس ذلك الموضع من نَجْد كله ولا من تِهامةَ كله، ولكنه منهما، فهو مُنْجِد مُتْهِم، ونَجْد ما بين العُذَيب إِلى ذاتِ عِرْق وإِلى اليمامة وإِلى جَبَلَيْ طَيِّءٍ وإِلى وَجْوة وإِلى اليمن، وذات عِرْق: أَوّل تِهامة إِلى البحر وجُدَّةَ، وقيل: تِهامةُ ما بين ذات عِرْق إِلى مَرْحَلَتين من وراء مكة، وما وراء ذلك من المَغْرب فهو غَوْر، والمدينة لا تِهاميَّة ولا نَجْديَّة فإِنها فوق الغَوْر ودون نَجْد.

  وقومٌ تَهامون: كما يقال يَمانون.

  وقال سيبويه: منهم مَن يقول تَهامِيّ ويَمانيّ وشآمِيّ، بالفتح مع التشديد.

  والتَّهْمة: تُسْتَعمل في موضع تِهامةَ كأَنها المرّة في قياس قول الأَصمعي.

  والتَّهَم، بالتحريك: مصدر من تِهامة؛ وقال:

  نَظَرْت، والعينُ مُبينةُ التَّهَمْ ... إِلى سَنا نارٍ وَقُودُها الرَّتَمْ،

  شُبَّتْ بأَعْلى عانِدَيْن من إِضَمْ

  والمِتْهامُ: الكثير الإِتْيان إِلى تِهامةَ.

  وإِبل مَتاهِيم ومَتاهِم: تأْتي تِهامةَ؛ قال:

  أَلا انْهَماها إِنَّها مَناهِيمْ ... وإِنَّنا مَناجِدٌ مَتاهِيمْ

  يقول: نحن نأْتي نَجْداً ثم كثيراً ما نأْخُذ منها