[فصل الجيم]
  صَبِيّاً، أي علماً وفقهاً، هذا لِيَحْيَى بن زَكَرِيَّا؛ وكذلك قوله:
  الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُه
  وفي الحديث: إنَّ من الشعر لحُكْماً أي إِن في الشعر كلاماً نافعاً يمنع من الجهل والسَّفَه ويَنهى عنهما، قيل: أراد بها المواعظ والأَمثال التي ينتفع الناس بها.
  والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر حَكَمَ يَحْكُمُ، ويروى: إن من الشعر لحِكْمَةً، وهو بمعنى الحُكم؛ ومنه الحديث: الخِلافةُ في قُرَيش والحُكْمُ في الأَنصار؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ لأَن أكثر فقهاء الصحابة فيهم، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ وأُبَيّ بن كَعْبٍ وزيد بن ثابت وغيرهم.
  قال الليث: بلغني أنه نهى أن يُسَمَّى الرجلُ حكِيماً(١)، قال الأَزهري: وقد سَمَّى الناسُ حَكيماً وحَكَماً، قال: وما علمتُ النَّهي عن التسمية بهما صَحيحاً.
  ابن الأَثير: وفي حديث أبي شُرَيْحٍ أنه كان يكنى أبا الحَكَمِ فقال له النبي، ﷺ: إن الله هو الحَكَمُ، وكناه بأَبي شُرَيْحٍ، وإنما كَرِه له ذلك لئلا يُشارِكَ الله في صفته؛ وقد سَمّى الأَعشى القصيدة المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فقال:
  وغَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ ... قد قُلْتُها ليُقالَ: من ذا قالَها؟
  وفي الحديث في صفة القرآن: وهو الذِّكْرُ الحَكِيمُ أي الحاكِمُ لكم وعليكم، أو هو المُحْكَمُ الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، فَعِيلٌ بمعنى مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فهو مُحْكَمٌ.
  وفي حديث ابن عباس: قرأْت المُحْكَمَ على عَهْدِ رسول الله، ﷺ؛ يريد المُفَصَّلَ من القرآن لأَنه لم يُنْسَخْ منه شيء، وقيل: هو ما لم يكن متشابهاً لأَنه أُحْكِمَ بيانُه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره، والعرب تقول: حَكَمْتُ وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى مَنَعْتُ ورددت، ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكِمٌ، لأَنه يَمْنَعُ الظالم من الظلم.
  وروى المنذري عن أَبي طالب أنه قال في قولهم: حَكَمَ الله بيننا؛ قال الأَصمعي: أصل الحكومة رد الرجل عن الظلم، قال: ومنه سميت حَكَمَةُ اللجام لأَنها تَرُدُّ الدابة؟ ومنه قول لبيد:
  أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها ... كلَّ حِرْباءٍ، إذا أُكْرِه صَلّ
  والجِنْثِيُّ: السيف؛ المعنى: رَدَّ السيفُ عن عَوْراتِ الدِّرْعِ وهي فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، وقيل: المعنى أَحْرَزَ الجِنثيُّ وهو الزَّرَّادُ مساميرها، ومعنى الإِحْكامِ حينئذ الإِحْرازُ.
  قال ابن سيده: الحُكْمُ القَضاء، وجمعه أَحْكامٌ، لا يكَسَّر على غير ذلك، وقد حَكَمَ عليه بالأَمر يَحْكُمُ حُكْماً وحُكومةً وحكم بينهم كذلك.
  والحُكْمُ: مصدر قولك حَكَمَ بينهم يَحْكُمُ أي قضى، وحَكَمَ له وحكم عليه.
  الأَزهري: الحُكْمُ القضاء بالعدل؛ قال النابغة:
  واحْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إذ نَظَرَتْ ... إلى حَمامٍ سِراعٍ وارد الثَّمَدِ(٢)
  وحكى يعقوب عن الرُّواةِ أن معنى هذا البيت:
(١) قوله [أن يسمى الرجل حكيماً] كذا بالأَصل، والذي في عبارة الليث التي في التهذيب: حكماً بالتحريك.
(٢) قوله [حمام سراع] كذا هو في التهذيب بالسين المهملة وكذلك في نسخة قديمة من الصحاح، وقال شارح الديوان: ويروى أيضاً شراع بالشين المعجمة أي مجتمعة.