لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الصاد المهملة]

صفحة 344 - الجزء 12

  لم يَعُوا به ما سَمِعوا، وبَصَرَهُم لما لم يُجْدِ عليهم لأَنهم لم يَعْتَبِروا بما عايَنُوه من قُدْرة الله وخَلْقِه الدالِّ على أنه واحد لا شريك له، ونُطْقَهم لما لم يُغْنِ عنهم شيئاً إذ لم يؤمنوا به إيماناً يَنْفَعهم، كانوا بمنزلة من لا يَسْمَع ولا يُبْصِرُ ولا يَعي؛ ونَحْوٌ منه قول الشاعر:

  أصَمٌّ عَمَّا ساءَه سَمِيعُ

  يقول: يَتَصامَمُ عما يَسُوءُه وإن سَمِعَه فكان كأَنه لم يَسْمَعْ، فهو سميع ذو سَمْعٍ أَصَمُّ في تغابيه عما أُريد به.

  وصَوْتٌ مُصِمٌّ: يُصِمُّ الصِّماخَ.

  ويقال لصِمامِ القارُورة: صِمَّةٌ.

  وصَمَّ رأْسَ القارورةَ يَصُمُّه صَمّاً وأَصَمَّه: سَدَّه وشَدَّه، وصِمامُها: سِدادُها وشِدادُها.

  والصِّمامُ: ما أُدْخِلَ في فم القارورة، والعِفاصُ ما شُدَّ عليه، وكذلك صِمامَتُها؛ عن ابن الأَعرابي.

  وصَمَمْتُها أَصُمُّها صَمّاً إذا شَدَدْتَ رَأْسَها.

  الجوهري: تقول صَمَمْتُ القارورة أي سَدَدْتُها.

  وأَصْمَمْتُ القارورة أي جعلت لها صِماماً.

  وفي حديث الوطء: في صِمامٍ واحد أي في مَسْلَكٍ واحدٍ؛ الصِّمامُ: ما تُسَدُّ به الفُرْجةُ فسمي به الفَرْجُ، ويجوز أَن يكون في موضعِ صِمامٍ على حذف المضاف، ويروى بالسين، وقد تقدم.

  ويقال: صَمَّه بالعصا يَصُمُّه صَمّاً إذا ضَرَبه بها وقد صَمَّه بحجر.

  قال ابن الأَعرابي: صُمَّ إذا ضُرِب ضَرْباً شديداً.

  وصَمَّ الجُرْحَ يَصُمُّه صَمّاً: سَدَّةُ وضَمَّدَه بالدواء والأَكُولِ.

  وداهيةٌ صَمَّاءُ: مُنْسَدَّة شديدة.

  ويقال للداهية الشديدةِ: صَمَّاءُ وصَمامِ؛ قال العجاج:

  صَمَّاءُ لا يُبْرِئُها من الصَّمَمْ ... حَوادثُ الدَّهْرِ، ولا طُولُ القِدَمْ

  ويقال للنذير إذا أَنْذَر قوماً من بعيد وأَلْمَعَ لهم بثوبه: لَمَع بهم لَمْعَ الأَصَمّ، وذلك أنه لما كَثُر إلماعُه بثوبه كان كأَنه لا يَسْمَعُ الجوابَ فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ؛ ومن ذلك قولُ بِشْر:

  أَشارَ بهم لَمْعَ الأَصَمّ، فأَقْبَلُوا ... عَرانِينَ لا يَأْتِيه لِلنَّصْرِ مُجْلِبُ

  أي لا يأْتيه مُعِينٌ من غير قومه، وإذا كان المُعينُ من قومه لم يكن مُجْلِباً.

  والصَّمَّاءُ: الداهيةُ.

  وفتنةٌ صَمَّاءُ: شديدة، ورجل أَصَمُّ بَيّنُ الصَّمَمِ فيهن، وقولُهم للقطاةِ صَمَّاءُ لِسَكَكِ أُذنيها، وقيل: لَصَمَمِها إذا عَطِشَت؛ قال:

  رِدِي رِدِي وِرْدَ قَطاةٍ صَمَّا ... كُدْرِيَّةٍ أَعْجَبها بردُ الما

  والأَصَمُّ: رَجَبٌ لعدم سماع السلاح فيه، وكان أهلُ الجاهلية يُسَمُّونَ رَجَباً شَهْرَ الله الأَصَمَّ؛ قال الخليل: إنما سمي بذلك لأَنه كان لا يُسْمَع فيه صوتُ مستغيثٍ ولا حركةُ قتالٍ ولا قَعْقَعةُ سلاح، لأَنه من الأَشهر الحُرُم، فلم يكن يُسْمع فيه يا لَفُلانٍ ولا يا صَبَاحاه؛ وفي الحديث: شَهْرُ الله الأَصَمُّ رَجَبٌ؛ سمي أَصَمَّ لأَنه كان لا يُسمع فيه صوت السلاح لكونه شهراً حراماً، قال: ووصف بالأَصم مجازاً والمراد به الإِنسان الذي يدخل فيه، كما قيل ليلٌ نائمٌ، وإنما النائمَ مَنْ في الليل، فكأَنَّ الإِنسانَ في شهر رجَبٍ أَصَمَّ عن صَوْتِ السلاح، وكذلك مُنْصِلُ الأَلِّ؛ قال:

  يا رُبَّ ذي خالٍ وذي عَمّ عَمَمْ ... قد ذاقَ كَأْسَ الحَتْفِ في الشَّهْرِ الأَصَمْ

  والأَصَمُّ من الحياتِ: ما لا يَقْبَلُ الرُّقْيَةَ كأَنه