[فصل الفاء]
  فارْضَوْا بما قَسَمَ المَلِيكُ، فإِنما ... قَسَمَ المَعِيشةَ بيننا قَسَّامُها(١)
  عنى بالمليك الله ø.
  الليث: يقال قَسَمْت الشيء بينهم قَسْماً وقِسْمة.
  والقِسْمة: مصدر الاقْتِسام.
  وفي حديث قراءة الفاتحة: قَسَمْت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ أَراد بالصلاة ههنا القراءة تسمية للشيء ببعضه، وقد جاءت مفسرة في الحديث، وهذه القِسْمة في المعنى لا اللفظ لأَن نصف الفاتحة ثناء ونصفها مَسْأَلة ودُعاء، وانتهاء الثناء عند قوله: إِياك نعبد، وكذلك قال في إِياك نستعين: هذه الآية بيني وبين عبدي.
  والقُسامة: ما يَعْزِله القاسم لنفسه من رأْس المال ليكون أَجْراً له.
  وفي الحديث: إِياكم والقُسامة، بالضم؛ هي ما يأْخذه القَسَّام من رأْس المال عن أُجرته لنفسه كما يأْخذ السماسرة رَسماً مرسُوماً لا أَجراً معلوماً، كتواضُعهم أَن يأْخذوا من كل أَلف شيئاً معيناً، وذلك حرام؛ قال الخطابي: ليس في هذا تحريم إِذا أَخذ القَسّام أُجرته بإِذن المقسوم لهم، وإِنما هو فيمن وَلِيَ أَمر قوم فإِذا قسم بين أَصحابه شيئاً أَمسك منه لنفسه نصيباً يستأْثر به عليهم، وقد جاء في رواية أُخرى: الرجل يكون على الفِئام من الناس فيأْخذ من حَظَّ هذا وحظ هذا.
  وأَما القِسامةُ، بالكسر، فهي صنعة القَسَّام كالجُزارة والجِزارة والبُشارة والبِشارة.
  والقُسامةُ: الصَّدقة لأَنها تُقسم على الضعفاء.
  وفي الحديث عن وابِصة: مثَلُ الذي يأْكل القُسامة كمثل جَدْيٍ بَطنُه مملوء رَضْفاً؛ قال ابن الأَثير: جاء تفسيرها في الحديث أَنها الصدقة، قال: والأَصل الأَوَّل.
  ابن سيده: وعنده قَسْمٌ يَقْسِمه أَي عَطاء، ولا يجمع، وهو من القِسْمة.
  وقسَمَهم الدَّهر يَقْسِمهم فتَقَسَّموا أَي فَرَّقهم فتَفَرَّقوا، وقَسَّمَهم فرَّقهم قِسْماً هنا وقِسماً هنا.
  ونَوىً قَسُومٌ: مُفَرِّقة مُبَعَّدة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
  نَأَتْ عن بَناتِ العَمِّ وانقَلَبَتْ بها ... نَوىً، يَوْم سُلَّانِ البَتِيلِ، قَسوم(٢)
  أَي مُقَسِّمة للشَّمْل مُفَرِّقة له.
  والتقْسِيم: التفريق؛ وقول الشاعر يذكر قِدْراً:
  تُقَسِّم ما فيها، فإِنْ هِي قَسَّمَتْ ... فَذاكَ، وإِن أَكْرَتْ فعن أَهلِها تُكْري
  قال أَبو عمرو: قَسَّمت عَمَّت في القَسْم، وأَكْرَتْ نَقَصَتْ.
  ابن الأَعرابي: القَسامةُ الهُدنة بين العدو والمسلِمين، وجمعها قَسامات، والقَسم الرَّأْي، وقيل: الشكُّ، وقيل: القَدَرُ؛ وأَنشد ابن بري في القَسْم الشَّكِّ لعدي بن زيد:
  ظِنّة شُبِّهتْ فأَمْكَنَها القَسْمُ ... فأَعدَتْه، والخَبِيرُ خبِيرُ
  وقَسَم أَمرَه قَسْماً: قَدَّره ونَظَر فيه كيف يفعل، وقيل: قَسَمَ أَمرَه لم يدر كيف يَصنع فيه.
  يقال: هو يَقْسِم أَمره قَسْماً أَي يُقَدِّره ويُدَبِّره ينظر كيف يعمل فيه؛ قال لبيد:
  فَقُولا له إِن كان يَقْسِمُ أَمْرَه: ... أَلَمَّا يَعِظْكَ الدَّهْرُ؟ أُمُّكَ هابِلُ
  ويقال: قَسَمَ فلان أَمره إِذا مَيَّل فيه أَن يفعله أَو لا يفعله.
  أَبو سعيد: يقال تركت فلاناً يَقْتَسِم أَي يفكر ويُرَوِّي بين أَمرين، وفي موضع آخر: تركت فلاناً يَسْتَقْسِم بمعناه.
  ويقال: فلان جَيِّد القَسْمِ
(١) رواية المعلقة:
فاقنع بما قسم المليكُ، فإنما قسم الخلائقَ بيننا عَلامُها
(٢) قوله [وانقلبت] كذا في الأصل، والذي في المحكم: وانفلتت.