لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 564 - الجزء 12

  وبأيِّ حُجّة، وفيه لغات: يقال لِمَ فعلتَ، ولِمْ فعلتَ، ولِما فعلت، ولِمَه فعلت، بإدخال الهاء للسكت؛ وأنشد:

  يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَه؟ ... لو خافَك الله عليه حَرَّمَه

  قال: ومن اللامات لامُ التعقيب للإِضافة وهي تدخل مع الفعل الذي معناه الاسم كقولك: فلانٌ عابرُ الرُّؤْيا وعابرٌ لِلرؤْيا، وفلان راهِبُ رَبِّه وراهبٌ لرَبِّه.

  وفي التنزيل العزيز: والذين هم لربهم يَرهبون، وفيه: إن كنتم للرؤْيا تَعْبُرون؛ قال أبو العباس ثعلب: إنما دخلت اللام تَعْقِيباً للإِضافة، المعنى هُمْ راهبون لربهم وراهِبُو ربِّهم، ثم أَدخلوا اللام على هذا، والمعنى لأَنها عَقَّبت للإِضافة، قال: وتجيء اللام بمعنى إلى وبمعنى أَجْل، قال الله تعالى: بأن رَبَّكَ أَوْحى لها؛ أي أَوحى إليها، وقال تعالى: وهم لها سابقون؛ أي وهم إليها سابقون، وقيل في قوله تعالى: وخَرُّوا له سُجَّداً؛ أي خَرُّوا من أَجلِه سُجَّداً كقولك أَكرمت فلاناً لك أي من أَجْلِك.

  وقوله تعالى: فلذلك فادْعُ واسْتَقِمْ كما أُمِرْتَ؛ معناه فإلى ذلك فادْعُ؛ قاله الزجاج وغيره.

  وروى المنذري عن أبي العباس أنه سئل عن قوله ø: إن أحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنفُسكم وإن أَسأْتُمْ فلها؛ أي عليها⁣(⁣١).

  جعل اللام بمعنى على؛ وقال ابن السكيت في قوله:

  فلما تَفَرَّقْنا، كأنِّي ومالِكاً ... لطولِ اجْتماعٍ لم نَبِتْ لَيْلةً مَعا

  قال: معنى لطول اجتماع أي مع طول اجتماع، تقول: إذا مضى شيء فكأنه لم يكن، قال: وتجيء اللام بمعنى بَعْد؛ ومنه قوله:

  حتى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِص

  أي بعْد خِمْسٍ؛ ومنه قولهم: لثلاث خَلَوْن من الشهر أي بعد ثلاث، قال: ومن اللامات لام التعريف التي تصحبها الأَلف كقولك: القومُ خارجون والناس طاعنون الحمارَ والفرس وما أشبهها، ومنها اللام الأَصلية كقولك: لَحْمٌ لَعِسٌ لَوْمٌ وما أَشبهها، ومنها اللام الزائدة في الأَسماء وفي الأَفعال كقولك: فَعْمَلٌ لِلْفَعْم، وهو الممتلئ، وناقة عَنْسَل للعَنْس الصُّلبة، وفي الأَفعال كقولك قَصْمَله أي كسره، والأَصل قَصَمه، وقد زادوها في ذاك فقالوا ذلك، وفي أُولاك فقالوا أُولالِك، وأما اللام التي في لَقعد فإنها دخلت تأْكيداً لِقَدْ فاتصلت بها كأَنها منها، وكذلك اللام التي في لَما مخفّفة.

  قال الأَزهري: ومن اللَّاماتِ ما رَوى ابنُ هانِئٍ عن أبي زيد يقال: اليَضْرِبُك ورأَيت اليَضْرِبُك، يُريد الذي يضرِبُك، وهذا الوَضَع الشعرَ، يريد الذي وضَع الشعر؛ قال: وأَنشدني المُفضَّل:

  يقولُ الخَنا وابْغَضُ العْجْمِ ناطِقاً ... إلى ربِّنا، صَوتُ الحمارِ اليُجَدَّعُ

  يريد الذي يُجدَّع؛ وقال أيضاً:

  أَخِفْنَ اطِّنائي إن سَكَتُّ، وإنَّني ... لَفي شُغُلٍ عن ذَحْلِا اليُتَتَبَّعُ⁣(⁣٢)

  يريد: الذي يُتتبَّع؛ وقال أبو عبيد في قول مُتمِّم:

  وعَمْراً وحوناً بالمُشَقَّرِ ألْمَعا⁣(⁣٣)

  قال: يعني اللَّذَيْنِ معاً فأَدْخل عليه الأَلف واللام صِلةً، والعرب تقول: هو الحِصْنُ أن يُرامَ، وهو العَزيز أن يُضَامَ، والكريمُ أن يُشتَمَ؛ معناه


(١) قوله [فلها أي عليها] هكذا بالأصل، ولعل فيه سقطاً، والأصل: فقال أي عليها.

(٢) قوله [أخفن اطنائي الخ] هكذا في الأَصل هنا، وفيه في مادة تبع: اطناني ان شكين، وذحلي بدل ذحلها.

(٣) قوله [وحوناً] كذا بالأصل.