لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الجيم]

صفحة 97 - الجزء 13

  الله ملائكتَه أَجْلَتْهم من الأَرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكةَ صارُوا سُكَّانَ الأَرض بعد الجانِّ فقالوا: يا رَبَّنا أَتَجْعَلُ فيها مَن يُفسِد فيها.

  أَبو عمرو: الجانُّ من الجِنِّ، وجمعُه جِنَّانٌ مثل حائطٍ وحِيطانٍ، قال الشاعر:

  فيها تَعَرَّفُ جِنَّانُها ... مَشارِبها داثِرات أُجُنْ

  وقال الخَطَفَى جَدّ جرير يصف إبلاً:

  يَرْفَعْنَ بالليل، إذا ما أَسْدَفا ... أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا

  وفي حديث زيد بن مقبل: جِنَّان الجبال أَي يأْمرون بالفَساد من شياطين الإِنس أَو من الجنِّ.

  والجِنَّةُ، بالكسر: اسمُ الجِنّ.

  وفي الحديث: أَنه نَهى عن ذبائح الجِنّ، قال: هو أَن يَبْنِيَ الرجلُ الدارَ فإذا فرغ من بِنائها ذَبح ذَبيحةً، وكانوا يقولون إذا فُعل ذلك لا يَضُرُّ أَهلَها الجِنُّ.

  وفي حديث ماعزٍ: أَنه، : سأَل أَهلَه عنه فقال: أَيَشْتَكي أَم به جِنَّةٌ؟ قالوا: لا؛ الجِنَّةُ، بالكسر: الجُنونُ.

  وفي حديث الحسن: لو أَصاب ابنُ آدمَ في كلِّ شيء جُنَّ أَي أُعْجِبَ بنفسِه حتى يصير كالمَجْنون من شدَّةِ إِعْجابِه؛ وقال القتيبي: وأَحْسِبُ قولَ الشَّنْفَرى من هذا:

  فلو جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ

  وفي الحديث: اللهم إني أَعوذ بك من جُنونِ العَمَلِ أَي من الإِعْجابِ به، ويؤكِّد هذا حديثُه الآخر: أَنه رأَى قوماً مجتمعين على إنسان فقال: ما هذا؟ فقالوا: مَجْنونٌ، قال: هذا مُصابٌ، إنما المَجْنونُ الذي يَضْرِبُ بِمَنْكِبَيه وينظرُ في عَطْفَيْه ويتَمَطَّى في مِشْيَتِه.

  وفي حديث فَضالة: كان يَخِرُّ رجالٌ من قامَتِهم في الصلاة من الخَصاصةِ حتى يقولَ الأَعْرابُ مجانين أَو مَجانُون؛ المَجانِينُ: جمعُ تكسيرٍ لمَجْنونٍ، وأَما مَجانون فشاذٌّ كما شذَّ شَياطُون في شياطين، وقد قرئ: واتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطون.

  ويقال: ضلَّ ضَلالَه وجُنَّ جُنونَه؛ قال الشاعر:

  هَبَّتْ له رِيحٌ فجُنَّ جُنونَه ... لمَّا أَتاه نَسِيمُها يَتَوَجَّسُ

  والجانُّ: ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة لا يؤذي، وهو كثير في بيوت الناس.

  سيبويه: والجمعُ جِنَّانٌ؛ وأَنشد بيت الخَطَفَى جدّ جرير يصف إبلاً:

  أَعناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا ... وعَنَقاً بعدَ الرَّسيم خَيْطَفا

  وفي الحديث: أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ، قال: هي الحيَّاتُ التي تكون في البيوت، واحدها جانٌّ، وهو الدقيقُ الخفيف: التهذيب في قوله تعالى: تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ، قال: الجانُّ حيَّةٌ بيضاء.

  أَبو عمرو: الجانُّ حيَّةٌ، وجمعُه جَوانٌ، قال الزجاج: المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً، قال: وكانت في صورة ثُعْبانٍ، وهو العظيم من الحيَّاتِ، ونحوَ ذلك قال أَبو العباس، قال: شبَّهها في عِظَمِها بالثعْبانِ وفي خِفَّتِها بالجانِّ، ولذلك قال تعالى مرَّة: فإذا هي ثُعْبانٌ، ومرَّة: كأَنها جانٌّ؛ والجانُّ: الشيطانُ أَيضاً.

  وفي حديث زمزم: أَن فيها جِنَّاناً كثيرةً أَي حيَّاتٍ، وكان أَهلُ الجاهليَّة يسمّون الملائكةُ، $، جِنّاً لاسْتِتارِهم عن العيون؛ قال الأَعشى يذكر سليمان، #:

  وسَخَّرَ من جِنِّ الملائِكِ تِسعةً ... قِياماً لَدَيْه يَعْمَلونَ بلا أَجْرِ