لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل السين المهملة]

صفحة 214 - الجزء 13

  كان يَعْرِضُ له من السكون والغَيْبة عند نزول الوحي.

  وفي الحديث: ما كنا نُبْعِدُ أَن السَّكينة تَكَلَّمُ على لسانِ عُمَرَ؛ قيل: هو من الوقار والسكون، وقيل: الرحمة، وقيل: أَراد السَّكِينَة التي ذكرها الله ø في كتابه العزيز، قيل في تفسيرها: إنها حيوان له وجه كوجه الإِنسان مُجتَمِع، وسائِرُها خَلْقٌ رَقِيقٌ كالريح والهواء، وقيل: هي صُورة كالهِرَّة كانت معهم في جُيوشهم، فإِذا ظهرت انهزم أَعداؤُهم، وقيل: هي ما كانوا يسكنون إليه من الآيات التي أُعطيها موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، قال: والأَشْبه بحديث عمر أَن يكون من الصورة المذكورة.

  وفي حديث علي، ¥، وبناء الكعبة: فأَرسل الله إليه السَّكينة؛ وهي ريح خَجُوجٌ أَي سريعة المَمَرِّ.

  والسَّكِّينة: لغة في السَّكينة؛ عن أَبي زيد، ولا نظير لها ولا يعلم في الكلام فَعِّيلة.

  والسِّكِّينةُ، بالكسر: لغة عن الكسائي من تذكرة أَبي علي.

  وتَسَكَّنَ الرجل: من السَّكِينة والسَّكِّينة.

  وتركتهم على سَكِناتِهم ومَكِناتِهم ونَزِلاتِهم ورَباعَتهم ورَبَعاتهم أَي على استقامتهم وحُسْن حالهم، وقال ثعلب: على مساكنهم، وفي المحكم: على مَنازلهم، قال: وهذا هو الجيد لأَن الأَول لا يطابق فيه الاسم الخبر، إذ المبتدأ اسم والخبر مصدر، فافهم.

  وقالوا: تركنا الناسَ على مُصاباتهم أَي على طبقاتهم ومنازلهم.

  والسَّكِنة، بكسر الكاف: مقرّ الرأْس من العنق؛ وقال حنظلة بن شَرْقيّ وكنيته أَبو الطَّحَّان:

  بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عن سَكِناتِه ... وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفا هَمَّ بالنَّهْقِ

  وفي الحديث: أَنه قال يوم الفتح: اسْتَقِرُّوا على سَكِناتكم فقد انقطعت الهجرة أَي على مواضعكم وفي مسَاكنكم، ويقال: واحدتها سَكِنة مثل مَكِنة ومَكِنات، يعني أَن الله قد أَعز الإِسلام، وأَغنى عن الهجرة والفِرار عن الوطن خَوْفَ المشركين.

  ويقال: الناس على سَكِناتهم أَي على استقامتهم؛ قال ابن بري: وقال زامِل بن مُصاد العَيْني:

  بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عن سَكِناته ... وطَعْنٍ كأَفواه المَزاد المُخَرَّق

  قال: وقال طُفَيل:

  بضرْبٍ يُزيل الهامَ عن سَكِناته ... ويَنْقَعُ من هامِ الرجال المُشَرَّب

  قال: وقال النابغة:

  بضربٍ يُزيلُ الهامَ عن سَكِناته ... وطعن كإِيزاغِ المخاض الضَّوارب

  والمِسْكينُ والمَسْكِين؛ الأَخيرة نادرة لأَنه ليس في الكلام مَفْعيل: الذي لا شيء له، وقيل: الذي لا شيء له يكفي عياله، قال أَبو اسحق: المسكين الذي أَسْكَنه الفقرُ أَي قَلَّلَ حركتَه، وهذا بعيد لأَن مِسْكيناً في معنى فاعل، وقوله الذي أَسْكَنه الفقرُ يُخْرجه إلى معنى مفعول، والفرق بين المِسْكين والفقير مذكور في موضعه، وسنذكر منه هنا شيئاً، وهو مِفْعيل من السكون، مثل المِنْطيق من النُّطْق.

  قال ابن الأَنباري: قال يونس الفقير أَحسن حالاً من المسكين، والفقير الذي له بعض ما يُقيمه، والمسكين أَسوأُ حالاً من الفقير، وهو قول ابن السكيت؛ قال يونس: وقلت لأَعرابي أَفقير أَنت أَم مسكين؟ فقال: لا والله بل مسكين، فأَعلم أَنه أَسوأُ حالاً من الفقير؛ واحتجوا على أَن المسكين أَسوأُ حالاً من الفقير بقول الراعي: