لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الفاء]

صفحة 317 - الجزء 13

  عارض بشري يَشْغَلُه من أُمور الأُمّة والملَّة ومصالحهما عَدَّ ذلك ذنباً وتقصيراً، فيَفْزَعُ إلى الاستغفار؛ قال أَبو عبيدة: يعني أَنه يتَغَشَّى القلبَ ما يُلْبِسُه؛ وكذلك كل شيء يَغْشَى شيئاً حتى يُلْبِسَه فقد غِينَ عليه.

  وغانَتْ نفْسُه تَغِينُ غَيْناً: غَثَتْ.

  والغَيْنُ: العطش، غانَ يَغِينُ.

  وغانتِ الإِبلُ: مثلُ غامَتْ.

  والغِينة، بالكسر: الصديد، وقيل: ما سال من الميت، وقيل: ما سال من الجيفة.

  والغَيْنةُ، بالفتح: اسم أَرض؛ قال الراعي:

  ونَكَّبْنَ زُوراً عن مُحَيَّاةَ بعدما ... بَدَا الأَثْلُ، أَثْلُ الغَيْنةِ المُتَجاوِرُ.

  ويروى الغِينة⁣(⁣١).

  الفراء: يقال هو آنَسُ من حُمَّى الغِينِ.

  والغِينُ: موضع لأَن أَهلها يُحَمُّون كثيراً.

فصل الفاء

  فتن: الأَزهري وغيره: جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ، وفي الصحاح: إِذا أَدخلته النار لتنظر ما جَوْدَتُه، ودينار مَفْتُون.

  والفَتْنُ: الإِحْراقُ، ومن هذا قوله ø: يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ؛ أَي يُحْرَقون بالنار.

  ويسمى الصائغ الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، وقيل في قوله: يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ، قال: يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم.

  ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة.

  ابن الأَعرابي: الفِتْنة الاختبار، والفِتْنة المِحْنة، والفِتْنة المال، والفِتْنة الأَوْلادُ، والفِتْنة الكُفْرُ، والفِتْنةُ اختلافُ الناس بالآراء، والفِتْنةُ الإِحراق بالنار؛ وقيل: الفِتْنة في التأْويل الظُّلْم.

  يقال: فلان مَفْتُونٌ بطلب الدنيا قد غَلا في طلبها.

  ابن سيده: الفِتْنة الخِبْرَةُ.

  وقوله ø: إِنا جعلناها فِتْنةً للظالمين؛ أي خِبْرَةً، ومعناه أَنهم أُفْتِنوا بشجرة الزَّقُّوم وكذَّبوا بكونها، وذلك أَنهم لما سمعوا أَنها تخرج في أَصل الجحيم قالوا: الشجر يَحْتَرِقُ في النار فكيف يَنْبُت الشجرُ في النار؟ فصارت فتنة لهم.

  وقوله ø: ربَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنةً للقوم الظالمين، يقول: لا تُظْهِرْهُم علينا فيُعْجبُوا ويظنوا أَنهم خير منا، فالفِتْنة ههنا إِعجاب الكفار بكفرهم.

  ويقال: فَتَنَ الرجلُ بالمرأَة وافْتَتَنَ، وأَهل الحجاز يقولون: فتَنَتْه المرأَةُ إِذا وَلَّهَتْه وأَحبها، وأَهل نجد يقولون: أَفْتَنَتْه؛ قال أَعْشى هَمْدانَ فجاء باللغتين:

  لئِنْ فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمْسِ أَفْتَنَتْ ... سَعِيداً، فأَمْسَى قد قَلا كلَّ مُسْلِم

  قال ابن بري: قال ابن جني ويقال هذا البيت لابن قيسٍ، وقال الأَصمعي: هذا سمعناه من مُخَنَّثٍ وليس بثَبَتٍ، لأَنه كان ينكر أَفْتَنَ، وأَجازه أَبو زيد؛ وقال هو في رجز رؤبة يعني قوله:

  يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ

  وقوله أَيضاً:

  إِني وبعضَ المُفْتِنِينَ داوُدْ ... ويوسُفٌ كادَتْ به المَكايِيدْ

  قال: وحكى أَبو القاسم الزجاج في أَماليه بسنده عن الأَصمعي قال: حدَّثنا عُمر بن أَبي زائدة قال حدثتني أُم عمرو بنت الأَهْتم قالت: مَرَرْنا ونحن جَوَارٍ بمجلس فيه سعيد بن جُبير، ومعنا جارية تغني بِدُفٍّ


(١) قوله [ويروى الغينة] أي بكسر الغين كما صرح به ياقوت.