لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الميم]

صفحة 397 - الجزء 13

  هو الخُرْجَ، وإِنما قال والأَوْنانِ جانبا الخُرْجِ، وهو الصحيح، لأَن أَوْنَ الخرج جانبه وليس إِياه، وكذا ذكره الجوهري أَيضاً في فصل أَون، وقال المازني: لأَنها ثِقْل على الإِنسان يعني المؤُونة، فغيَّره الجوهري فقال: لأَنه، فذكَّر الضمير وأَعاده على الخُرْج، وأَما الذي أَسقطه فهو قوله بعده: ويقال للأَتان إِذا أَقْرَبَتْ وعَظُمَ بطنُها: قد أَوَّنتْ، وإِذا أَكل الإِنسانُ وامتلأَ بطنُه وانتفخت خاصِرَتاه قيل: أَوَّنَ تأْوِيناً؛ قال رؤبة:

  سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوِينَ العُقُقْ

  انقضى كلام المازني.

  قال ابن بري: وأَما قول الجوهري قال الخليل لو كان مَفْعُلة لكان مَئينةً، قال: صوابه أَن يقول لو كان مَفْعُلة من الأَيْن دون الأَوْن، لأَن قياسها من الأَيْنِ مَئينة ومن الأَوْن مَؤُونة، وعلى قياس مذهب الأَخفش أَنَّ مَفْعُلة من الأَيْنِ مَؤُونة، خلاف قول الخليل، وأَصلها على مذهب الأَخفش مأْيُنَة، فنقلت حركة الياء إِلى الهمزة فصارت مَؤويْنَة، فانقلبت الياء واواً لسكونها وانضمام ما قبلها، قال: وهذا مذهب الأَخفش.

  وإِنه لَمَئِنَّة من كذا أَي خَلِيقٌ.

  ومأَنْتُ فلاناً تَمْئِنَة⁣(⁣١).

  أَي أَعْلَمته؛ وأَنشد الأَصمعي للمَرَّار الفَقْعسيّ:

  فتهامَسُوا شيئاً، فقالوا عرّسُوا ... من غيرِ تَمْئِنَةٍ لغير مُعَرَّسِ

  أَي من غير تعريف، ولا هو في موضع التَّعْريسِ؛ قال ابن بري: الذي في شعر المَرَّار فتَناءَمُوا أَي تكلموا من النَّئِيم، وهو الصوت؛ قال: وكذا رواه ابن حبيب وفسر ابنُ حبيب التَّمْئِنة بالطُّمَأْنينة؛ يقول: عَرّسوا بغير موضع طُمَأْنينة، وقيل: يجوز أَن يكون مَفْعِلة من المَئِنَّة التي هي الموضع المَخْلَقُ للنزول أَي في غير موضع تَعْريسٍ ولا علامة تدلهم عليه.

  وقال ابن الأَعرابي: تَمْئِنة تَهْيِئة ولا فِكْر ولا نظر؛ وقال ابن الأَعرابي: هو تَفْعِلة من المَؤُونة التي هي القُوتُ، وعلى ذلك استشهد بالقوت؛ وقد ذكرنا أَنه مَفْعِلة، فهو على هذا ثنائي.

  والمَئنَّةُ: العلامة.

  وفي حديث ابن مسعود: إِنَّ طولَ الصلاة وقِصَرَ الخُطْبة مَئِنَّة من فِقه الرجل أَي أَن ذلك مما يعرف به فِقْه الرجل.

  قال ابن الأَثير: وكلُّ شيء دَلَّ على شيء فهو مَئِنَّة له كالمَخْلَقة والمَجْدرة؛ قال ابن الأَثير: وحقيقتها أَنها مَفْعِلة من معنى إِنَّ التي للتحقيق والتأْكيد غير مشتقة من لفظها، لأَن الحروف لا يشتق منها، وإِنما ضُمِّنَتْ حروفَها دلالةً على أَن معناها فيها، قال: ولو قيل إِنها اشتقت من لفظها بعدما جعلت اسماً لكان قولاً، قال: ومن أَغرب ما قيل فيها أَن الهمزة بدل من ظاء المَظِنَّة، والميم في ذلك كله زائدة.

  قال الأَصمعي: سأَلني شعبة عن هذا فقلت مَئِنَّة أَي علامة لذلك وخَلِيقٌ لذلك؛ قال الراجز:

  إِنَّ اكْتِحالاً بالنَّقِيِّ الأَبْلَجِ ... ونَظَراً في الحاجِبِ المُزَجَّجِ،

  مَئِنَّةٌ من الفَعالِ الأَعْوَجِ

  قال: وهذا الحرف هكذا يروى في الحديث والشعر بتشديد النون، قال: وحقه عندي أَن يقال مَئِينة مثال مَعِينة على فَعِيلة، لأَن الميم أَصلية، إِلا أَن يكون أَصلُ هذا الحرف من غير هذا الباب فيكون


(١) قوله [ومأنت فلاناً تمئنة] كذا بضبط الأَصل مأنت بالتخفيف ومثله ضبط في نسخة من الصحاح بشكل القلم، وعليه فتمئنة مصدر جارٍ على غير فعله.