لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهاء]

صفحة 432 - الجزء 13

  ذلك أَن فعيلاً أُخت فِعَالٍ، أَلا ترى أَن كل واحد منهما ثلاثي الأَصل وثالثه حرف لين؟ وقد اعْتَقَبا أَيضاً على المعنى الواحد نحو كَلِيبٍ وكِلابٍ وعَبِيدٍ وعِبادٍ، فلما كانا كذلك وإِنما بينهما اختلافٌ في حرف اللين لا غير، قال: ومعلوم مع ذلك قربُ الياء من الأَلف، وأَنها إِلى الياء أَقرب منها إِلى الواو، كُسِّرَ أَحدهما على ما كسر عليه صاحبه فقيل ناقة هِجانٌ وأَيْنُقٌ هِجانٌ، كما قيل ظريف وظِراف وشريف وشِرَاف؛ فأَما قوله:

  هِجانُ المُحَيَّا عَوْهَجُ الخَلْقِ، سُرْبِلَتْ ... من الحُسْنِ سِرْبالاً عَتِيقَ البَنائِق

  فقد تكونُ النَّقِيَّةَ، وقد تكون البيضاء.

  وأَهْجَنَ الرجلُ إِذا كثر هِجانُ إِبله، وهي كِرامها؛ وقال في قول كعب:

  حَرْفٌ أَخوها من مُهَجَّنةٍ ... وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْليلُ

  قال: أَراد بمُهَجَّنة أَنها ممنوعة من فحول الناس إِلا من فحول بلادها لعِتْقِها وكرمها، وقيل: حُمِلَ عليها في صِغَرها، وقيل: أَراد بالمُهَجَّنةِ أَنها من إِبل كرام.

  يقال: امرأَة هِجانٌ وناقةِ هِجانٌ أَي كريمة.

  وقال الأَزهري: هذه ناقة ضربها أَبوها ليس أَخوها فجاءَت بذكر، ثم ضربها ثانية فجاءت بذكر آخر، فالولدان ابناها لأَنهما ولدا منها، وهما أَخواها أَيضاً لأَبيها لأَنهما ولدا أَبيها، ثم ضرب أَحدُ الأَخوين الأُمَّ فجاءت الأُم بهذه الناقة وهي الحرف، فأَبوها أَخوها لأُمها لأَنه ولد من أُمها، والأَخ الآخر الذي لم يَضْرِب عمُّها لأَنه أَخو أَبيها، وهو خالها لأَنه أَخو أُمها لأَبيها لأَنه من أَبيها وأَبوه نزا على أُمه.

  وقال ثعلب: أَنشدني أَبو نصر عن الأَصمعي بيت كعب وقال في تفسيره: إِنها ناقة كريمة مُداخَلة النسب لشرفها.

  قال ثعلب: عَرَضْتُ هذا القول على ابن الأَعرابي، فخطَّأَ الأَصمعي وقال: تداخُل النسب يُضْوِي الولدَ؛ قال: وقال المفضل هذا جمل نزا على أُمه، ولها ابن آخر هو أَخو هذا الجمل، فوضعت ناقة فهذه الناقة الثانية هي الموصوفة، فصار أَحدهما أَباها لأَنه وطئ أُمها، وصار هو أَخاها لأَن أُمها وضعته، وصار الآخر عمها لأَنه أَخو أَبيها، وصار هو خالها⁣(⁣١) لأَنه أَخو أُمها؛ وقال ثعلب: وهذا هو القول.

  والهِجانُ: الخيار.

  وامرأَة هجان: كريمة من نسوة هَجائنَ، وهي الكريمة الحَسَبِ التي لم تُعَرِّق فيها الإِماء تَعْرِيقاً.

  أَبو زيد: رجل هَجِينٌ بَيّنُ الهُجُونة من قوم هُجَناءَ وهُجْنٍ، وامرأَة هِجان أَي كريمة، وتكون البيضاء من نسوة هُجْنٍ بَيِّنات الهجانة.

  ورجل هِجانٌ: كريمُ الحَسَبِ نَقِيُّه.

  وبعير هِجانٌ: كريم.

  وقال الأَصمعي في قول علي، كرم الله وجهه: هذا جَنايَ وهِجانُه فيه إِذ كلّ جانٍ يَدُه إِلى فيه، يعني خياره وخالصه.

  اليزيديُّ: هو هِجانٌ بَيِّنُ الهِجَانة، ورجل هَجِينَ بَيِّنُ الهُجْنةِ، والهُجْنةُ في الناس والخيل إِنما تكون من قبل الأُم، فإِذا كان الأَب عتيقاً والأُم ليست كذلك كان الولد هجيناً؛ قال الراجز:

  العبدُ والهَجِينُ والفَلَنْقَسُ ... ثلاثةٌ، فأَيَّهُم تَلَمَّسُ

  والإِقْرافُ: من قِبَلِ الأَب؛ الأَزهري: روى الرواةُ أَن رَوْح بن زِنْباع كان تزوَّج هندَ بنت النعمان بن بَشِير فقالت وكانت شاعرة:


(١) قوله [وصار هو خالها] كذا في الأَصل والتهذيب، وهذا لا يتم على كلا م المفضل إلا أن روعي أن جملاً نزا على ابنته فخلف منها هذين الجملين الخ كما في عبارة التهذيب السابقة.