لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الياء المثناة تحتها]

صفحة 461 - الجزء 13

  أَنها أَعطت كل واحد منهما بيمينها يَمْنةً، فصَغَّرَ اليَمْنَةَ ثم ثنَّاها فقال يُمَيْنَتَيْنِ؛ قال: وهذا أَحسن الوجوه مع السماع.

  وأَيْمَنَ: أَخَذَ يَميناً.

  ويَمَنَ به ويامَنَ ويَمَّن وتَيامَنَ: ذهب به ذاتَ اليمين.

  وحكى سيبويه: يَمَنَ يَيْمِنُ أَخذ ذاتَ اليمين، قال: وسَلَّمُوا لأَن الياء أَخف عليهم من الواو، وإن جعلتَ اليمين ظرفاً لم تجمعه؛ وقول أَبي النَّجْم:

  يَبْري لها، من أَيْمُنٍ وأَشْمُلِ ... ذو خِرَقٍ طُلْسٍ وشخصٍ مِذْأَلِ⁣(⁣١)

  يقول: يَعْرِض لها من ناحية اليمين وناحية الشمال، وذهب إلى معنى أَيْمُنِ الإِبل وأَشْمُلِها فجمع لذلك؛ وقال ثعلبة بن صُعَيْر:

  فتَذَكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً، بعدما ... أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمِينَها في كافِر

  يعني مالت بأَحد جانبيها إلى المغيب.

  قال أَبو منصور: اليَمينُ في كلام العرب على وُجوه، يقال لليد اليُمْنَى يَمِينٌ.

  واليَمِينُ: القُوَّة والقُدْرة؛ ومنه قول الشَّمّاخ:

  رأَيتُ عَرابةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو ... إلى الخَيْراتِ، مُنْقَطِعَ القَرينِ

  إذا ما رايةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... تَلَقَّاها عَرابَةُ باليَمينِ

  أَي بالقوَّة.

  وفي التنزيل العزيز: لأَخَذْنا منه باليَمين؛ قال الزجاج: أَي بالقُدْرة، وقيل: باليد اليُمْنَى.

  واليَمِينُ: المَنْزِلة.

  الأَصمعي: هو عندنا باليَمِينِ أَي بمنزلة حسَنةٍ؛ قال: وقوله تلقَّاها عَرابة باليمين، قيل: أَراد باليد اليُمْنى، وقيل: أَراد بالقوَّة والحق.

  وقوله ø: إنكم كنتم تَأْتونَنا عن اليَمين؛ قال الزجاج: هذا قول الكفار للذين أَضَلُّوهم أَي كنتم تَخْدَعُوننا بأَقوى الأَسباب، فكنتم تأْتوننا من قِبَلِ الدِّين فتُرُوننا أَن الدينَ والحَقَّ ما تُضِلُّوننا به وتُزَيِّنُون لنا ضلالتنا، كأَنه أَراد تأْتوننا عن المَأْتَى السَّهْل، وقيل: معناه كنتم تأْتوننا من قِبَلِ الشَّهْوة لأَن اليَمِينَ موضعُ الكبد، والكبدُ مَظِنَّةُ الشهوة والإِرادةِ، أَلا ترى أَن القلب لا شيء له من ذلك لأَنه من ناحية الشمال؟ وكذلك قيل في قوله تعالى: ثم لآتِيَنَّهم من بين أَيديهم ومن خَلْفهم وعن أَيمانهم وعن شَمائلهم؛ قيل في قوله وعن أَيمانهم: من قِبَلِ دينهم، وقال بعضهم: لآتينهم من بين أَيديهم أَي لأُغْوِيَنَّهم حتى يُكذِّبوا بما تقَدَّم من أُمور الأُمم السالفة، ومن خلفهم حتى يكذبوا بأَمر البعث، وعن أَيمانهم وعن شمائلهم لأُضلنَّهم بما يعملون لأَمْر الكَسْب حتى يقال فيه ذلك بما كسَبَتْ يداك، وإن كانت اليدان لم تَجْنِيا شيئاً لأَن اليدين الأَصل في التصرف، فجُعِلتا مثلاً لجميع ما عمل بغيرهما.

  وأَما قوله تعالى: فَراغَ عليهم ضَرْباً باليمين؛ ففيه أَقاويل: أَحدها بيمينه، وقيل بالقوَّة، وقيل بيمينه التي حلف حين قال: وتالله لأَكِيدَنَّ أَصنامَكم بعدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرين.

  والتَّيَمُّنُ: الموت.

  يقال: تَيَمَّنَ فلانٌ تيَمُّناً إذا مات، والأَصل فيه أَنه يُوَسَّدُ يَمينَه إذا مات في قبره؛ قال الجَعْدِيّ⁣(⁣٢):

  إذا ما رأَيْتَ المَرْءَ عَلْبَى، وجِلْدَه ... كضَرْحٍ قديمٍ، فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ⁣(⁣٣)


(١) قوله [يبري لها] في التكملة الرواية: تبري له، على التذكير أي للممدوح، وبعده:

خوالج بأسعد أن أقبل

والرجز للعجاج.

(٢) قوله [قال الجعدي] في التكملة: قال أبو سحمة الأَعرابي.

(٣) قوله [وجلده] ضبطه في التكملة بالرفع والنصب.