لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل السين المهملة]

صفحة 496 - الجزء 13

  والميم زائدة، وإذا نسبت إلى الاسْتِ قلت سَتَهِيٌّ، بالتحريك، وإن شئت اسْتِيٌّ، تركته على حاله، وسَتِه أَيضاً، بكسر التاء، كما قالوا حَرِحٌ.

  قال ابن بري: رجل حَرِحٌ أَي مُلازمٌ للأَحْراحِ، وسَتِه مُلازم للأَسْتاه.

  قال: والسَّيْتَهِيُّ الذي يتخلف خلف القوم فينظر في أَسْتاهِهم؛ قالت العامرية:

  لقد رأَيتُ رجلاً دُهْرِيَّا ... يَمْشِي وَراءَ القومِ سَيْتَهِيَّا

  ودُهْرِيٌّ: منسوب إلى بني دَهْرٍ بَطْن من كلب.

  والسَّتِه: الطالبُ للاسْتِ، وهو على النسب، كما يقال رجل حَرِحٌ.

  قال ابن سيده: التمثيل لسيبويه.

  ابن سيده: رجل أَسْتَه، والجمع سُتْه وسُتْهانٌ؛ هذه عن اللحياني، وامرأَة سَتْهاء كذلك.

  ورجل سُتْهُمٌ، والأُنثى سُتْهُمة كذلك، الميم زائدة.

  ويقال للواسعة من الدُّبر: سَتْهاء وسُتْهُمٌ، وتصغير الاسْتِ سُتَيْهَةٌ.

  قال أَبو منصور: رجل سُتْهُم إذا كان ضَخْمَ الاسْتِ، وسُتاهِيٌّ مثله، والميم زائدة.

  قال النحويون: أَصل الاسْتِ سَتْه، فاستثقلوا الهاء لسكون التاء، فلما حذفوا الهاء سكنت السين فاحتيج إلى أَلف الوصل، كما فعل بالاسْمِ والابْنِ فقيل الاسْتُ، قال: ومن العرب من يقول السَّه، بالهاء، عند الوقف يجعل التاء هي الساقطة، ومنهم من يجعلها هاء عند الوقف وتاء عند الإِدراج، فإذا جمعوا أو صَغَّروا رَدُّوا الكلمة إلى أَصلها فقالوا في الجمع أَسْتاه، وفي التصغير سُتَيْهة، وفي الفعل سَتِه يَسْتَه فهو أَسْتَه.

  وفي حديث المُلاعَنَةِ: إن جاءت به مُسْتَهاً جَعْداً فهو لفلان، وإن جاءت به حَمْشاً فهو لزوجها؛ أَراد بالمُسْتَه الضَّخْمَ الأَلْيَتَيْنِ، كأَنه يقال أُسْتِه فهو مُسْتَه، كما يقال أُسْمِنَ فهو مُسْمَنٌ، وهو مُفْعَلٌ من الاسْتِ، قال: ورأَيت رجلاً ضخم الأَرداف كان يقال له أَبو الأَسْتاه.

  وفي حديث البراء: مرَّ أَبو سفيان ومعاويةُ خلفه وكان رجلاً مُسْتَهاً.

  قال أَبو منصور: وللعرب في الاسْتِ أَمثالٌ، منها ما روي عن أَبي زيد: تقول العرب ما لك اسْتٌ مع اسْتِكَ إذا لم يكن له عَدَدٌ ولا ثَرْوة من مال ولا عُدَّة من رجال، تقول فاسْتُه لا تفارقه، وليس له معها أُخرى من رجال ومال.

  قال أَبو زيد: وقالت العرب إذا حدّثَ الرجلُ حديثاً فخَلَّط فيه أَحاديث الضَّبُعِ اسْتَها⁣(⁣١).

  وذلك أَنها تمرّغ في التراب ثم تُقْعِي فَتَتَغَنَّى بما لا يفهمه أَحد فذلك أَحاديثها اسْتَها، والعرب تَضَعُ الاسْتَ موضعَ الأَصل فتقول ما لك في هذا الأَمر اسْتٌ ولا فم أَي ما لك فيه أَصل ولا فرع؛ قال جرير:

  فما لَكُمُ اسْتٌ في العُلالا ولا فَمُ

  واسْتُ الدهر: أَوَّلُ الدهر.

  أَبو عبيدة: يقال كان ذلك على اسْتِ الدَّهْرِ وعلى أُسِّ الدهر أَي على قِدَمِ الدهر؛ وأَنشد الإِيادِيُّ لأَبي نُخَيْلَة:

  ما زالَ مجنوناً على اسْتِ الدَّهْرِ ... ذا حُمُقٍ يَنْمِي، وعَقْل يَحْرِي⁣(⁣٢)

  أَي لم يزل مجنوناً دَهْرَه كله.

  ويقال: ما زال فلانٌ على اسْت الدهرِ مجنوناً أَي لم يزل يعرف بالجنون.

  ومن أَمثال العرب في عِلْمِ الرجلِ بما يَلِيه دون غيره: اسْتُ البائِن أَعْلَمُ؛ والبائنُ: الحالبُ الذي لا


(١) قوله [أحاديث الضبع استها] ضبط في التكملة والتهذيب استها في الموضعين بالنصب.

(٢) قوله [ذا حمق] الذي في التهذيب: في بدن، وفي التكملة: في جسد.