[فصل السين المهملة]
  نفسي به.
  وفي التنزيل العزيز: إلَّا من سَفِه نَفْسَه؛ قال أَبو منصور: اختلف النحويون في معنى سَفِه نَفْسه وانتصابه، فقال الأَخفش: أَهل التأْويل يزعمون أَن المعنى سَفَّه؛ ومنه قوله: إلا من سَفِه الحقَّ، معناه من سَفَّه الحقَّ، وقال يونس النحوي: أُراها لغة ذهب يونس إلى أَن فَعِلَ للمبالغة كما أَنَّ فَعَّلَ للمبالغة، فذهب في هذا مذهب أَهل التأْويل، ويجوز على هذا القول سَفِهْتُ زيداً بمعنى سَفَّهْتُ زيداً؛ وقال أَبو عبيدة: معنى سَفِه نفسَه أَهلك نفسَه وأَوْبَقَها، وهذا غير خارج من مذهب يونس وأَهل التأْويل؛ وقال الكسائي والفراء: إن نفسه منصوب على التفسير، وقالا: التفسير في النكرات أَكثر نحو طِبْتُ به نَفْساً وقَرِرْتُ به عيناً، وقالا: إن أَصل الفعل كان لها ثم حوِّل إلى الفاعل؛ أَراد أَن قولهم طبت به نفساً معناه طابت نفسي به، فلما حول الفعل إلى صاحب النفس خرجت النفسُ مُفَسِّرة، وأَنكر البصريون هذا القول، وقالوا إن المفسرات نكرات ولا يجوز أَن تجعل المعارف نكرات، وقال بعض النحويين: إن قوله تعالى: إلَّا من سَفِه نَفْسَه؛ معناه إلا من سَفِه في نفسه أَي صار سفيهاً، إلا أَن في حذفت كما حذفت حروف الجر في غير موضع؛ قال الله تعالى: ولا جُناحَ عليكم أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكم؛ المعنى أَن تسترضعوا لأَولادكم، فحذف حرف الجر من غير ظرف؛ ومثله قوله:
  نُغالي اللَّحْمَ للأَضْيافِ نِيّاً ... ونَبْذُلُه إذا نَضِجَ القُدورُ
  المعنى: نغالي باللحم.
  وقال الزجاج: القول الجيد عندي في هذا أَن سَفِه في موضع جَهِلَ، والمعنى، والله أَعلم، إلا مَنْ جَهِل نَفْسَه أَي لم يُفَكِّرْ في نفسه فوضع سَفِه في موضع جَهِلَ، وعُدِّيَ كما عُدِّيَ، قال: فهذا جميع ما قاله النحويون في هذه الآية، قال: ومما يقوِّي قول الزجاج الحديث الثابتُ المرفوع حين سئل النبي، ﷺ، عن الكِبْر فقال: الكِبْرُ أَن تَسْفَه الحَقَّ وتَغْمِطَ الناسَ، فجعل سَفِه واقعاً معناه أن تَجْهَلَ الحق فلا تراه حقّاً، والله أَعلم.
  وقال بعض أَهل اللغة: أَصلُ السَّفَه الخُفَّةُ، ومعنى السفيه الخفيفُ العقل، وقيل أَي سَفِهَتْ نَفْسُه أي صارت سفيهة، ونصب نفسه على التفسير المحوّل.
  وفي الحديث: إنما البَغْيُ من سَفِه الحقَّ أَي من جهله، وقيل: من جهل نفسه، وفي الكلام محذوف تقديره إنما البغي فِعْلُ من سَفِه الحقَّ.
  والسَّفَه في الأَصل: الخِفَّة والطَّيْشُ.
  ويقال: سَفِه فلانٌ رأْيه إذا جهله وكان رأْيه مضطرباً لا استقامة له.
  والسَّفيه: الجاهل.
  ورواه الزمخشري: من سَفَه الحَقِّ، على أَنه اسم مضاف إلى الحق، قال: وفيه وجهان: أَحدهما على أَن يكون على حذف الجار وإيصال الفعل كان الأَصلُ سَفِه على الحق، والثاني أَن يضمن معنى فعل متعد كجهل، والمعنى الاستخفاف بالحق وأَن لا يراه على ما هو عليه من الرُّجْحان والرَّزانة.
  الأَزهري: روى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه قال الزّافِه السَّرابُ والسافِه الأَحمق.
  ابن سيده: سَفِه علينا وسَفُه جهل، فهو سَفِيه، والجمع سُفَهاء وسِفَاه، قال الله تعالى: كما آمنَ السُّفَهاء؛ أَي الجُهّال.
  والسفيه: الجاهل، والأُنثى سفيهة، والجمع سَفِيهات وسَفائِه وسُفَّه وسِفاه.
  وسَفَّه الرجلَ: جعله سفيهاً.
  وسَفَّهَه: نسبه إلى السَّفَه، وسافَهه مُسافَهة.
  يقال: سَفِيه لم يَجِدْ مُسافِهاً.
  وسَفَّه الجهلُ حِلْمَه: أَطاشه وأَخَفَّه؛ قال:
  ولا تُسَفِّه عند الوِرْد عَطْشَتُها ... أَحلامَنا، وشَريبُ السَّوْءِ يَضْطرِمُ
  وسَفِه نفْسَه: خَسِرَها جَهْلاً.
  وقوله تعالى: ولا