لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 83 - الجزء 14

  أَي ذاتَ خضاب، أَو على إرادة العضو كما تقدم؛ قال: وقد يجوز أَن يكون مخضباً حالاً من الضمير الذي في يضم.

  وبَكَيْتُه وبَكَيْتُ عليه بمعنى.

  قال الأَصمعي: بَكَيْت الرجلَ وبَكَّيْته، بالتشديد، كلاهما إذا بَكَيْتَ عليه، وأَبْكَيته إذا صنعت به ما يُبْكِيه، قال الشاعر:

  الشمسُ طالعة، ليستْ بكاسفةٍ ... تُبْكي عليكَ نُجومَ الليل والقَمرا⁣(⁣١)

  واسْتَبْكَيْتُه وأَبْكَيْتُه بمعنى.

  والتِّبْكاء: البُكاء؛ عن اللحياني.

  وقال اللحياني: قال بعض نساء الأَعراب في تأْخيذ الرجال أَخَّذتُه في دُبَّاء مُمَلأٍ من الماء مُعَلَّقٍ بتِرْشاء فلا يَزَلْ في تِمْشاء وعينُه في تِبْكاء، ثم فسره فقال: التِّرشاءُ الحَبْلُ، والتِّمْشاء المَشيُ، والتِّبْكاءُ البُكاء، وكان حكم هذا أَن يقول تَمْشاء وتَبْكاء لأَنهما من المصادر المبنية للتكثير كالتَّهْذار في الهَذْر والتَّلْعاب في اللَّعب، وغير ذلك من المصادر التي حكاها سيبويه، وهذه الأُخْذَة قد يجوز أَن تكون كلها شعراً، فإذا كان كذلك فهو من مَنْهوك المنسرح؛ وبيته:

  صَبْراً بني عَبْد الدارْ

  وقال ابن الأَعرابي: التَّبكاء، بالفتح، كثرة البُكاء؛ وأَنشد:

  وأقْرَحَ عَيْنَيَّ تَبْكاؤُه ... وأَحدَثَ في السَّمْعِ مِنِّي صَمَمْ

  وباكَيْتُ فلاناً فَبَكَيْتُه إذا كنتَ أَكثرَ بُكاءً منه.

  وتَباكى: تَكَلَّف البُكاءَ.

  والبَكِيُّ: الكثير البُكاء، على فعيل.

  ورجل باك، والجمع بُكاة وبُكِيٌّ، على فُعُول مثل جالس وجُلُوس، إلَّا أَنهم قلبوا الواو ياء.

  وأَبْكَى الرجلَ: صَنَع به ما يُبْكيه.

  وبَكَّاه على الفَقيدِ: هَيَّجه للبكاء عليه ودعاه إليه؛ قال الشاعر

  صَفيَّةُ قُومي ولا تَقْعُدِي ... وبَكِّي النساءَ على حَمْزه

  ويروى: ولا تَعْجزي، هكذا روي بالإِسكان، فالزاي على هذا هو الرويّ لا الهاء لأَنها هاء تأنيث، وهاء التأْنيث لا تكون رويّاً، ومن رواه مطلقاً قال: على حمزة، جعل التاء هي الرويّ واعتقدها تاء لا هاء لأَن التاء تكون رويّاً، والهاء لا تكون البتة رويّاً.

  وبَكَاه بُكاءً وبَكَّاه، كلاهما: بَكَى عليه ورثاه؛ وقوله أَنشده ثعلب:

  وكنتُ مَتَى أَرى زِقّاً صَريعاً ... يُناحُ على جَنازَتِه، بَكَيْتُ

  فسره فقال: أَراد غَنَّيْتُ، فجعل البكاء بمنزلة الغِناء، واستجاز ذلك لأَن البُكاء كثيراً ما يَصْحَبه الصوت كما يصحب الصوت الغناء.

  والبَكَى، مقصور: نبت أَو شجر، واحدته بَكاة.

  قال أَبو حنيفة: البَكاة مثلُ البَشامة لا فرق بينهما إلا عند العالم بهما، وهما كثيراً ما تنبتان معاً، وإذا قطعت البَكاة هُريقت لبناً أَبيض؛ قال ابن سيده: وقضينا على أَلف البُكَى بالياء لأَنها لام لوجود ب ك ي وعدم ب ك و، والله أَعلم.

  بلا: بَلَوْتُ الرجلَ بَلْواً وبَلاءً وابْتَلَيْته: اخْتَبَرْته، وبَلاه يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه واخْتَبَره.

  وفي حديث حذيفة: لا أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبداً.

  وقد ابْتَلَيْتُه فأَبْلاني أَي اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرني.

  وفي حديث أُم سلمة: إنَّ مِنْ أَصْحابي مَنْ لا يَراني بَعدَ أَن فارَقَني، فقال لها عمر: بالله أَمِنْهم أَنا؟ قالت: لا ولن أُبْلِيَ أَحداً بعدَكَ أَي لا


(١) رواية ديوان جرير: تبكي عليك أَي الشمس، ونصب نجوم الليل والقمر بكاسفة.