[فصل الثاء المثلثة]
  قال: صوابه أَن يقول والعدد مفتوح، قال: وتقول للمؤنث اثنتان، وإِن شئت ثنتان لأَن الأَلف إِنما اجتلبت لسكون الثاء فلما تحركت سقطت.
  ولو سمي رجل باثْنين أَو باثْنَي عشر لقلت في النسبة إِليه ثَنَوِيٌّ في قول من قال في ابْنٍ بَنَوِيٌّ، واثْنِيٌّ في قول من قال ابْنِيٌّ؛ وأَما قول الشاعر:
  كأَنَّ خُصْيَيْه مِنَ التَّدَلْدُلِ ... ظَرْفُ عجوزٍ فيه ثِنْتا حَنْظَلِ
  أَراد أَن يقول: فيه حنظلتان، فأَخرج الاثنين مخرج سائر الأَعداد للضرورة وأَضافه إِلى ما بعده، وأَراد ثنتان من حنظل كما يقال ثلاثة دراهم وأَربعة دراهم، وكان حقه في الأَصل أَن يقول اثنا دراهم واثنتا نسوة، إِلَّا أَنهم اقتصروا بقولهم درهمان وامرأَتان عن إِضافتهما إِلى ما بعدهما.
  وروى شمر بإِسناد له يبلغ عوف بن مالك أَنه سأَل النبي، ﷺ، عن الإِمارة فقال: أَوَّلها مَلامة وثِناؤُها نَدامة وثِلاثُها عذابٌ يومَ القيامة إِلَّا مَنْ عَدَل؛ قال شمر: ثِناؤها أَي ثانيها، وثِلاثها أَي ثالثها.
  قال: وأَما ثُناءُ وثُلاثُ فمصروفان عن ثلاثة ثلاثة واثنين اثنين، وكذلك رُباعُ ومَثْنَى؛ وأَنشد:
  ولقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً ... وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أَمْسِ الدَّابِرِ
  وقال آخر:
  أُحاد ومَثْنَى أَضْعَفَتْها صَواهِلُه
  الليث: اثنان اسمان لا يفردان قرينان، لا يقال لأَحدهما اثْنٌ كما أَن الثلاثة أَسماء مقترنة لا تفرق، ويقال في التأْنيث اثْنَتان ولا يفردان، والأَلف في اثنين أَلف وصل، وربما قالوا اثْنتان كما قالوا هي ابنة فلان وهي بنته، والأَلف في الابنة أَلف وصل لا تظهر في اللفظ، والأَصل فيهما ثَنَيٌ، والأَلف في اثنتين أَلف وصل أَيضاً، فإِذا كانت هذه الأَلف مقطوعة في الشعر فهو شاذ كما قال قيس بن الخَطِيم:
  إِذا جاوَزَ الإِثْنَيْن سِرٌّ، فإِنه ... بِنثٍّ وتَكْثيرِ الوُشاةِ قَمِينُ
  غيره: واثنان من عدد المذكر، واثنتان للمؤنث، وفي المؤَنث لغة أُخرى ثنتان بحذف الأَلف، ولو جاز أَن يفرد لكان واحده اثن مثل ابن وابنة وأَلفه أَلف وصل، وقد قطعها الشاعر على التوهم فقال:
  أَلا لا أَرى إِثْنَيْنِ أَحْسنَ شِيمةً ... على حدثانِ الدهرِ، مني ومنْ جُمْل
  والثَّنْي: ضَمُّ واحد إِلى واحد، والثِّنْيُ الاسم، ويقال: ثِنْيُ الثوب لما كُفَّ من أَطرافه، وأَصل الثَّنْي الكَفّ.
  وثَنَّى الشيءَ: جعله اثنين، واثَّنَى افتعل منه، أَصله اثْتنَى فقلبت الثاء تاء لأَن التاء آخت الثاء في الهمس ثم أُدغمت فيها؛ قال:
  بَدا بِأَبي ثم اتَّنى بأَبي أَبي ... وثَلَّثَ بالأَدْنَيْنَ ثَقْف المَحالب(١)
  هذا هو المشهور في الاستعمال والقويّ في القياس، ومنهم من يقلب تاء افتعل ثاء فيجعلها من لفظ الفاء قبلها فيقول اثَّنى واثَّرَدَ واثَّأَرَ، كما قال بعضهم في ادَّكر اذَّكر وفي اصْطَلحوا اصَّلحوا.
  وهذا ثاني هذا أَي الذي شفعه.
  ولا يقال ثَنَيْته إِلَّا أَن أَبا زيد قال: هو واحد ف اثْنِه أَي كن له ثانياً.
  وحكى ابن الأَعرابي أَيضاً: فلان لا يَثْني ولا يَثْلِثُ أَي هو رجل كبير فإِذا أَراد النُّهوض لم يقدر في مرة ولا مرتين ولا في الثالثة.
  وشَرِبْتُ اثْنَا القَدَح وشرِبت اثْنَيْ هذا القَدَح أَي اثنين مِثلَه، وكذلك
(١) قوله [ثقف المحالب] هو هكذا بالأَصل.