لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الجيم]

صفحة 146 - الجزء 14

  أَبي هريرة قال: قال رسول الله، : كل عمل ابن آدم يُضاعَفُ الحسنةُ عشر أَمثالها إِلى سبعمائة ضِعْفٍ، قال الله ø: إِلَّا الصوم فإِنه لي وأَنا أَجْزي به، يَدَعُ شهوتَه وطعامه من أَجلي، فقد بيَّن في هذا الحديث أَن ثواب الصيام أَكثر من ثواب غيره من الأَعمال فقال وأَنا أَجزي به، وما أَحال سبحانه وتعالى المجازاة عنه على نفسه إِلَّا وهو عظيم، ومنها الصوم لي أَي يَقْمَعُ عدوِّي، وهو الشيطان لأَن سبيل الشيطان إِلى العبد عند قضاء الشهوات، فإِذا تركها بقي الشيطان لا حيلة له، ومنها، وهو أَحسنها، أَن معنى قوله الصوم لي أَنه قد روي في بعض الآثار أَن العبد يأْتي يوم القيامة بحسناته، ويأْتي قد ضرَب هذا وشَتَم هذا وغَصَب هذا فتدفع حسناته لغرمائه إِلَّا حسنات الصيام، يقول الله تعالى: الصوم لي ليس لكم إِليه سبيل.

  ابن سيده: وجَزَى الشيءُ يَجْزِي كَفَى، وجَزَى عنك الشيءُ قضَى، وهو من ذلك.

  وفي الحديث: أَنه، ، قال لأَبي بُرْدة بن نِيَارٍ حين ضَحَّى بالجَذَعة: تَجْزِي عنك ولا تَجْزِي عن أَحد بعدَك أَي تَقْضِي؛ قال الأَصمعي: هو مأْخوذ من قولك قد جَزَى عني هذا الأَمرُ يَجْزِي عني، ولا همز فيه، قال: ومعناه لا تَقْضِي عن أَحد بعدك.

  ويقال: جَزَتْ عنك شاةٌ أَي قَضَتْ، وبنو تميم يقولون أَجْزَأَتْ عنك شاةٌ بالهمز أَي قَضَت.

  وقال الزجاج في كتاب فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ: أَجْزَيْتُ عن فلان إِذا قمتَ مَقامه.

  وقال بعضهم: جَزَيْتُ عنك فلاناً كافأْته، وجَزَتْ عنك شاةٌ وأَجْزَتْ بمعنىً.

  قال: وتأْتي جَزَى بمعنى أَغْنَى.

  ويقال: جَزَيْتُ فلاناً بما صنع جَزَاءً، وقَضَيْت فلاناً قَرْضَه، وجَزَيْتُه قرضَه.

  وتقول: إِن وضعتَ صدقَتك في آل فلان جَزَتْ عنك وهي جازِية عنك.

  قال الأَزهري: وبعض الفقهاء يقول أَجْزَى بمعنى قَضَى.

  ابن الأَعرابي: يَجْزِي قليلٌ من كثير ويَجْزِي هذا من هذا أَي كلُّ واحد منهما يقوم مقام صاحبه.

  وأَجْزَى الشيءُ عن الشيء: قام مقامه ولم يكف.

  ويقال: اللحمُ السمين أَجْزَى من المهزول؛ ومنه يقال: ما يُجْزِيني هذا الثوبُ أَي ما يكفيني.

  ويقال: هذه إِبلٌ مَجازٍ يا هذا أَي تَكْفِي، الجَملُ الواحد مُجْزٍ.

  وفلان بارع مَجْزىً لأَمره أَي كاف أَمره؛ وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده لبعض بني عمرو بن تميم:

  ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فارساً ... جَزاءَ العُطاسِ، لا يموت المُعاقِب

  قال: يقول عجلنا إِدراك الثَّأْر كقدر ما بين التشميت والعُطاس، والمُعاقِبُ الذي أَدرك ثَأْره، لا يموت المُعاقِب لأَنه لا يموت ذكر ذلك بعد موته، لا يَمُوت من أَثْأَرَ أَي لا يَمُوت ذِكْرُه.

  وأَجْزَى عنه مُجْزَى فلان ومُجْزاته ومَجْزاه ومَجْزاته؛ الأَخيرة على توهم طرح الزائد أَعني لغة في أَجْزَأَ.

  وفي الحديث: البَقَرَةُ تُجْزِي عن سبعة، بضم التاء؛ عن ثعلب، أَي تكون جَزَاءً عن سبعة.

  ورجلٌ ذو جَزَاءٍ أَي غَناء، تكون من اللغتين جميعاً.

  والجِزْيَةُ: خَراجُ الأَرض، والجمع جِزىً وجِزْيٌ.

  وقال أَبو علي: الجِزَى والجِزْيُ واحد كالمِعَى والمِعْيِ لواحد الأَمْعاء، والإِلَى والإِلْيِ لواحد الآلاءِ، والجمع جِزاءٌ؛ قال أَبو كبير:

  وإِذا الكُماةُ تَعاوَرُوا طَعْنَ الكُلَى ... تَذَرُ البِكارةَ في الجِزَاءِ المُضْعَفِ

  وجِزْيَةُ الذِّمِّي منه.

  الجوهري: والجِزْيةُ ما يؤخذ