[فصل الخاء المعجمة]
  قال الفراءُ هو من الدَّناءَةِ؛ والعرب تقول إِنه لَدَنيٌّ يُدَنِّي في الأُمورِ تَدْنِيَةً، غير مَهموزٍ، يَتْبَع خسيسَها وأَصاغرَها، وكان زُهَير الفُرْقُبيُّ يهمز أَتَسْتَبْدلون الذي هو أَدْنى، قال الفراء: ولم نَرَ العرب تهمز أَدْنى إِذا كان من الخِسَّةِ، وهم في ذلك يقولون: إِنه لَ دانئٌ خبيث، فيهمزون.
  وقال الزجاج في معنى قوله أَتستبدلون الذي هو أَدْنى، غير مَهْموزِ: أَي أَقْرَبُ، ومعنى أَقْرَبُ أَقلُّ قيمةً كما تقول ثوب مُقارِبٌ، فأَما الخسيس فاللغة فيه دَنُؤَ دَناءةً، وهو دَنيءٌ بالهمز، وهو أَدْنَأُ منه.
  قال أَبو منصور: أَهل اللغة لا يهمزون دَنُوَ في باب الخِسَّة، وإِنما يهمزونه في باب المُجون والخُبْثِ.
  قال أَبو زيد في النوادر: رجل دَنيءٌ من قوم أَدْنِياءَ، وقد دَنُؤَ دَناءَةً، وهو الخَبيث البَطْنِ والفَرْجِ.
  ورجل دَنيٌّ من قوم أَدْنِياءَ، وقد دَنَي يَدْنى ودَنُوَ يَدْنُو دُنوّاً: وهو الضعيف الخَسيسُ الذي لا غَناء عنده المُقَصِّرُ في كلِّ ما أَخَذَ فيه؛ وأَنشد:
  فلا وأَبِيك ما خُلُقي بوَعْرٍ ... ولا أَنا بالدَّنِّي ولا المُدَنِّي
  وقال أَبو الهيثم: المُدَنِّي المُقَصِّر عما ينبغي له أَن يَفْعَله؛ وأَنشد:
  يا مَنْ لِقَوْمٍ رأْيُهُم خَلْفٌ مُدَنْ
  أَراد مُدَنِّي فَقَيَّد القافية.
  إِن يَسْمَعُوا عَوْراءَ أصْغَوْا في أَذَنْ
  ويقال للخسيس: إِنه لَدنيٌّ من أَدْنِياءَ، بغير همز، وما كان دَنِيّاً ولَقَدْ دَنِيَ يَدْنى دَنىً ودَنايَةً.
  ويقال للرجل إِذا طَلَب أَمراً خسيساً: قد دَنَّى يُدَنِّي تَدْنِية.
  وفي حديث الحُدَيْبِيَة: علامَ نُعْطِي الدَّنِيَّة في دِينِنا أَي الخَصْلَة المَذْمُومَة؛ قال ابن الأَثير: الأَصل فيه الهمز، وقد يخفف، وهو غير مهموز أَيضاً بمعنى الضعيف الخسيس.
  وتَدَنَّى فلان أَي دَنا قَلِيلاً.
  وتَدانَوْا أَي دَنا بعضهم من بعض.
  وقوله ø: ولَنُذِيقَنَّهم من العَذاب الأَدْنى دون العَذاب الأَكْبَر؛ قال الزجاج: كلُّ ما يُعَذَّبُ به في الدنيا فهو العذابُ الأَدْنى، والعذابُ الأَكْبَر عذابُ الآخِرةِ.
  ودانَيْت الأَمْرَ: قارَبْته.
  ودانَيْت بَيْنَهما: جَمَعْت.
  ودانَيْت بَيْنَ الشَّيْئَيْن: قَرَّبْت بَيْنَهما ودانَيْتُ القَيْدَ في البَعيرِ أَو لِلْبَعير: ضَيَّقْته عليه، وكذلك دَانى القَيْدُ قَيْنَيِ البَعِير؛ قال ذو الرمة:
  دَانى له القَيْدُ، في دَيْمُومَةٍ قُذُفٍ ... قَيْنَيْه، وانْحَسَرَتْ عَنْه الأَناعِيمُ
  وقوله:
  ما لي أَراه دانِفاً قدْ دُنْيَ له
  إِنما أَراد قد دُنِيَ له.
  قال ابن سيده: وهو من الواو من دَنَوْتُ، ولكن الواو قلبت ياء من دُنِيَ لانكسار ما قبلها، ثم أُسْكِنَت النون فكان يجب، إِذْ زالت الكسرة، أَن تعود الواو، إِلا أَنه لما كان إِسكان النون إِنما هو للتخفيف كانت الكَسْرَة المنويَّة في حكم الملفوظ بها، وعلى هذا قاس النحويون فقالوا في شَقِيَ قد شَقْيَ، فتركوا الواوَ التي هي لامٌ في الشِّقْوة والشَّقاوة مقلوبة، وإِن زالت كسرة القاف من شَقِيَ، بالتخفيف، لما كانت الكسرةُ مَنْويَّةً مقدرة، وعلى هذا قالوا لقَضْوَ الرجلُ، وأَصله من الياء في قَضَيْت، ولكنها قُلِبت في لقَضُو لانضمام الضاد قبلها واواً، ثم أَسكنوا الضاد تخفيفاً فتركوا الواو بحاله ولم يردّوها إِلى الياء، كما تركوا الياء في دنيا بحالها ولم يردّوها إِلى الواو، ومثله من