لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الشين المعجمة]

صفحة 430 - الجزء 14

  وقيل: لا يشارِي من الشَّرِّ أَي لا يُشارِرُ، فقلب إحدى الراءَيْن ياءً؛ قال ابن الأَثير: والأَول الوجه؛ ومنه الحديث الآخر: لا تُشارِ أَخاك في إحدى الروايتينِ، وقال ثعلب في قوله لا يُشارِي: لا يَستَشْري من الشَّرِّ، ولا يُمارِي: لا يُدافِعُ عن الحقِّ ولا يُرَدِّدُ الكلامَ؛ قال:

  وإني لأَسْتَبْقِي ابنَ عَمِّي، وأَتَّقي ... مُشاراتَه كَيْ ما يَرِيعَ ويَعْقِلا

  قال ثعلب: سأَلت ابن الأَعرابي عن قوله لا يُشارِي ولا يُمارِي ولا يُدارِي، قال: لا يُشارِي من الشَّرِّ، قال: ولا يُماري لا يخاصم في شيءٍ ليست له فيه منفعة، ولا يُداري أَي لا يَدْفَعُ ذا الحَقِّ عن حَقِّه؛ وقوله أَنشده ثعلب:

  إذا أُوقِدَتْ نارٌ لَوى جِلْدَ أَنْفِه ... إلى النارِ، يَسْتَشْري ذَرى كلِّ حاطِبِ

  ابن سيده: لم يفسر يَسْتَشْري إلا أَن يكون يَلِجُّ في تأَمُّله.

  ويقال: لَحاه الله وشَراه.

  وقال اللحياني: شَراه الله وأَوْرَمَه وعَظاه وأَرْغَمَه.

  والشَّرى: شيءٌ يخرُجُ على الجَسَد أَحمَرُ كهيئةِ الدراهم، وقيل: هو شِبْه البَثْر يخرج في الجسد.

  وقد شَرِيَ شَرىً، فهو شَرٍ على فَعِلٍ، وشَرِيَ جلْدُه شَرىً، قال: والشَّرى خُراج صغار لها لَذْعٌ شديد.

  وتَشَرّى القومُ: تَفَرَّقوا.

  واستَشْرَتْ بينهم الأُمورُ: عظُمت وتفاقَمَتْ.

  وفي الحديث: حتى شَرِيَ أَمرُهما أَي عظُم⁣(⁣١).

  وتَفاقَمَ ولَجُّوا فيه.

  وفَعَلَ به ما شراه أَي ساءَه.

  وإبِلٌ شَراةٌ كسَراةٍ أَي خِيارٌ؛ قال ذو الرمة:

  يَذُبُّ القَضايا عن شَراةٍ كأَنَّها ... جَماهيرُ تَحْتَ المُدْجِناتِ الهَواضِبِ

  والشَّرى: الناحية، وخَصَّ بعضُهم به ناحية النهر، وقد يُمَدُّ، والقَصر أَعْلى، والجمع أَشْراءٌ.

  وأَشْراه ناحيةَ كذا: أَمالَه؛ قال:

  أَلله يَعْلَمُ أَنَّا في تَلَفُّتِنا ... يومَ الفِراقِ، إلى أَحْبابِنا صورُ

  وأَنَّني حَوْثُما يُشْري الهَوى بَصَري ... مِنْ حيثُ ما سَلَكوا، أَثْني فأَنْظورُ⁣(⁣٢)

  يريد أَنظُرُ فأَشْبَع ضَمَّة الظاء فنشَأَت عنها واو.

  والشَّرى: الطريقُ، مقصورٌ، والجمع كالجمع.

  والشَّرْيُ، بالتسكين: الحَنْظَلُ، وقيل: شجرُ الحنظل؛ وقيل: ورقُه، واحدته شَرْيَةٌ؛ قال رؤْبة:

  في الزَّرْبِ لَوْ يَمْضُغُ شَرْياً ما بَصَقْ

  ويقال: في فلان طَعْمانِ أَرْيٌ وشَرْيٌ، قال: والشَّرْيُ شجر الحنظل؛ قال الأَعلم الهذلي:

  على حَتِّ البُرايةِ زَمْخِرِيِّ السَّواعِدِ ... ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ

  وفي حديث أَنس في قوله تعالى: كشجرة خَبيثة، قال: هو الشَّرْيان؛ قال الزمخشري: الشَّرْيانُ والشَّرْيُ الحنظل، قال: ونحوهُما الرَّهْوانُ والرَّهْوُ للمطمئِنِّ من الأَرض، الواحدة شَرْيَةٌ.

  وفي حديث لَقيط: أَشْرَفْتُ عليها وهي شَرْية واحدة؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم، أَراد أن الأَرض اخضرت بالنَّبات فكأَنها حنظلة واحدة، قال: والرواية شَرْبة، بالباء الموحدة.

  وقال أَبو حنيفة:


(١) قوله [حتى شري أمرهما أي عظم الخ] عبارة النهاية: ومنه حديث المبعث فشري الأَمر بينه وبين الكفار حين سب الهتم أي عظم وتفاقم ولجو فيه، والحديث الآخر حتى شري أمرهما وحديث أم زرع الخ.

(٢) قوله حوثما: لغة في حيثما.