لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 251 - الجزء 15

  وأَنشد ابن بري لعبد المسيح بن عسلة قال:

  باكَرْتُه، قَبْلَ أَن تَلْغَى عَصافِرُه ... مُسْتَحْفِياً صاحبي وغيره الحافي⁣(⁣١)

  قال: هكذا روي تَلْغَى عَصافِرُه، قل: وهذا يدل على أَن فعله لَغِيَ، إِلا أَن يقال إِنه فُتح لحرف الحلق فيكون ماضيه لَغا ومضارعه يَلْغُو ويَلْغَى، قال: وليس في كلام العرب مثل اللَّغْو واللَّغَى إِلا قولهم الأَسْوُ والأَسا، أَسَوْتُه أَسْواً وأَساً أَصلحته.

  واللَّغْو: ما لا يُعْتَدّ به لقلته أَو لخروجه على غير جهة الاعتماد من فاعله، كقوله تعالى: لا يُؤاخِذُكم الله باللَّغْوِ في أَيمانكم؛ وقد تكرر في الحديث ذكر لَغْوِ اليمين، وهو أَن يقولَ لا والله وبلى والله ولا يَعْقِد عليه قَلْبه، وقيل: هي التي يحلفها الإِنسان ساهياً أَو ناسياً، وقيل: هو اليمين في المعصية، وقيل: في الغضب، وقيل: في المِراء، وقيل: في الهَزْل، وقيل: اللَّغْو سُقوط الإِثم عن الحالف إِذا كفَّر يمينه يقال: لَغا إِذا تكلم بالمُطَّرَحِ من القول وما لا يَعْني، وأَلغى إِذا أَسقط.

  وفي الحديث: والحَمُولةُ المائرةُ لهم لاغيةٌ أَي مُلغاة لا تُعَدُّ عليهم ولا يُلْزَمُون لها صدقة، فاعلة بمعنى مفعولة، والمائرةُ من الإِبل التي تَحمِل المِيرة.

  واللاغِيةُ: اللَّغْو.

  وفي حديث سلمان: إِيّاكُم ومَلْغاةَ أَوَّلِ الليلِ، يريد به اللغو؛ المَلْغاة: مَفْعلة مِن اللَّغْو والباطل، يريد السَّهَر فيه فإِنه يمنع من قِيام الليل.

  وكلمة لاغِيةٌ: فاحشة.

  وفي التنزيل العزيز: لا تسمع فيها لاغِيةً؛ هو على النسب أَي كلمة ذات لَغْو، وقيل أَي كلمة قبيحة أَو فاحشة، وقال قتادة أَي باطلاً ومَأْثماً، وقال مجاهد: شَتْماً، وهو مثل تامِر ولابِن لصاحب التمر واللبن، وقال غيرهما: اللَّاغِية واللَّواغِي بمعنى اللَّغْوِ مثل راغِيةِ الإِبل ورَواغِيها بمعنى رُغائها، ونُباحُ الكلب⁣(⁣٢) لَغْوٌ أَيضاً؛ قال:

  وقُلنْا لِلدَّلِيلِ: أَقِمْ إِليهِمْ ... فلا تُلْغَى لِغَيْرِهِمِ كلابُ

  أَي لا تُقْتَنَى كلاب غيرهم؛ قال ابن بري وفي الأَفعال:

  فَلا تَلْغَى بِغَيرِهِم الرِّكابُ

  أَتَى به شاهداً على لَغِيَ بالشيء أُولِع به.

  واللَّغا: الصوت مثل الوَغَى.

  وقال الفراء في قوله تعالى: لا تَسْمَعُوا لهذا القرآن والغَوْا فيه، قالت كفار قريش: إِذا تَلا محمد القرآن فالغَوْا فيه أَي الغطُوا فيه، يُبَدَّل أَو يَنسى فَتَغْلِبوه.

  قال الكسائي: لَغا في القول يَلْغَى، وبعضهم يقول يَلْغُو، ولَغِيَ يَلغَى، لُغةٌ، ولَغا يَلْغُو لَغْواً: تكلم.

  وفي الحديث: مَن قال يوم الجُمعة والإِمامُ يَخْطُبُ لصاحبه صَه فقد لَغا أَي تَكلَّم، وقال ابن شميل: فقد لغا أَي فقد خابَ.

  وأَلغَيْتُه أَي خَيَّبْتُه.

  وفي الحديث: مَن مَسَّ الحَصى فقد لَغا أَي تكلم، وقيل: عَدَلَ عن الصواب، وقيل: خابَ، والأَصل الأَوَّل.

  وفي التنزيل العزيز: وإِذا مَرُّوا باللَّغْو؛ أَي مَرُّوا بالباطل.

  ويقال: أَلغَيْت هذه الكلمة أَي رأَيتها باطلاً أَو فضلاً، وكذلك ما يُلْغَى من الحِساب.

  وأَلغَيْتُ الشيء: أَبطلته.

  وكان ابن عباس، ®، يُلْغِي طَلاقَ المُكْرَه أَي يُبْطِله.

  وأَلغاه من العدد: أَلقاه منه.

  واللُّغة: اللِّسْنُ، وحَدُّها أَنها أَصوات يُعبِّر بها كل


(١) قوله [مستحفياً الخ] كذا بالأصل ولعله مستخفياً، والخافي، بالخاء المعجمة فيهما أو بالجيم فيهما.

(٢) قوله [ونباح الكلب إلى قوله قال ابن بري] هذا لفظ الجوهري، وقال في التكملة: واستشهاده بالبيت على نباح الكلب باطل، وذلك أن كلاباً في البيت هو كلاب بن ربيعة لا جمع كلب، والرواية تلغى بفتح التاء بمعنى تولع.