[فصل الميم]
  أَلا ترى أَنها تُصادِمُ الأَجرام، وكلُّ ما صادَمَ الجِرْم جِرْمٌ لا مَحالة، فإِن قيل: ولم قَلَّتِ الأَعلام في المعاني وكثرت في الأَعيان نحو زيد وجعفر وجميع ما علق عليه علم وهو شخص؟ قيل: لأَن الأَعيان أَظهر للحاسة وأَبدى إِلى المشاهدة فكانت أَشبه بالعَلَمِية مما لا يُرى ولا يشاهد حسّاً، وإِنما يعلم تأَمُّلاً واستدلالاً، وليست من معلوم الضرورة للمشاهدة، وقيل: مَحْوةُ اسم للدَّبُور لأَنها تَمْحُو الأَثَرَ؛ وقال الشاعر:
  سَحابات مَحَتْهُنَّ الدَّبُورُ
  وقيل: هي الشَّمال.
  قال الأَصمعي وغيره: من أَسماء الشَّمال مَحْوةُ، غير مصروفة.
  قال ابن السكيت: هَبَّتْ مَحْوةُ اسمُ الشَّمال مَعْرِفة؛ وأَنشد:
  قَدْ بكَرَتْ مَحْوةُ
  بالعَجَاجِ ... فَدَمَّرَتْ بَقِيَّةَ الرَّجَاجِ
  وقيل: هو الجَنوب، وقال غيره: سُمِّيت الشَّمالُ مَحْوةَ لأَنها تَمْحُو السحابَ وتَذْهَبُ بها.
  ومَحْوة: ريح الشَّمَال لأَنها تَذْهَبُ بالسحاب، وهي معرفة لا تنصرف ولا تدخلها أَلف ولام؛ قال ابن بري: أَنكر علي بن حمزة اختصاص مَحْوَة بالشَّمال لكونها تَقْشَعُ السحابَ وتَذْهَب به، قال: وهذا موجود في الجَنوب؛ وأَنشد للأَعشى:
  ثمَّ فاؤوا على الكَريهَةِ والصَّبْرِ ... كما تَقْشَعُ الجَنُوبُ الجَهاما
  ومَحْوٌ: اسم موضع بغير أَلف ولام.
  وفي المحكم: والمَحْوُ اسم بلد؛ قالت الخنساء:
  لِتَجْرِ الحَوادِثُ بَعْدَ الفَتَى ... الْمُغَادَرِ، بالمَحْو، أَذْلالهَا
  والأَذْلالُ: جمع ذِلّ، وهي المسالك والطُّرُق.
  يقال: أُمورُ الله تَجْري على أَذْلالها أَي على مجَاريها وطُرُقِها.
  والمِمْحاةُ: خِرْقة يزال بها المَنيُّ ونحوه.
  مخا: التهذيب عن ابن بزرج في نوادره: تَمَخَّيْتُ إِليه أَي اعتذرت، ويقال: امَّخَيتُ إِليه؛ وأَنشد الأَصمعي:
  قالت ولم تَقْصِدْ لَه ولم تَخِه ... ولم تُراقِبْ مَأْثَماً فتَمَّخِه
  مِنْ ظُلْمِ شَيْخٍ آضَ منْ تَشَيُّخِه ... أَشْهَبَ مثْلَ النَّسْرِ بَيْنَ أَفْرُخِه
  قال ابن بري: صواب إِنشاده:
  ما بالُ شَيْخِي آضَ مِن تَشَيُّخِه ... أَزْعَرَ مِثْلَ النَّسْرِ عِنْدَ مَسْلَخِه
  وقال الأَصمعي: امَّخَى من ذلك الأَمر امِّخاءً إِذا حَرِجَ منه تَأَثُّماً، والأَصل انْمَخى.
  الجوهري: تَمَخَّيتُ من الشيءِ وامَّخَيْتُ منه إِذا تبرّأَت منه وتَحَرّجت.
  مدى: أَمْدى الرجلُ إِذا أَسَنّ؛ قال أَبو منصور: هو من مَدَى الغاية.
  ومَدَى الأَجَل: منتهاه.
  والمَدى: الغاية؛ قال رؤبة:
  مُشْتَبِه مُتَيِّه تَيْهاؤه ... إِذا المَدَى لم يُدْرَ ما مِيداؤُه
  وقال ابن الأَعرابي: المِيداءُ مِفْعال من المَدَى، وهو الغاية والقَدْر.
  ويقال: ما أَدري ما مِيْداءُ هذا الأَمر يعني قدره وغايته.
  وهذا بِميداء أَرضِ كذا إِذا كان بحِذائها، يقول: إِذا سار لم يدرِ أَما مضى أَكثر أَم ما بقي.
  قال أَبو منصور: قول ابن الأَعرابي