[فصل الميم]
  سَحاباً، وقال ابن بري: هو لرجل من أَزْد السَّراة يصف برقاً، وذكر الأَصبهاني أَنه ليعلى بن الأَحول:
  فَظَلْتُ، لدى البَيْتِ الحَرامِ، أُخِيلُه ... ومِطْوايَ مُشْتاقانِ لَه أَرِقانِ(١)
  أَي صاحِبايَ، ومعنى أُخِيله أَنظر إِلى مَخِيلته، والهاءُ عائدة على البرق في بيت قبله، وهو:
  أَرِقْتُ لِبَرْقٍ دُونه شَرَوانِ ... يَمانٍ، وأَهْوَى البَرْقَ كلَّ يَمانِ
  والمَطا أَيضاً: لغة فيه، والجمع أَمْطاءٌ ومَطِيٌّ، الأَخيرة اسم للجمع؛ قال أَبو ذؤيب:
  لقد لاقَ المَطِيَّ بنَجْدِ عُفْرٍ ... حديثٌ، إِنْ عَجِبْتَ له، عَجِيبُ
  والأُمْطِيُّ: صمغ يؤكل، سمي به لامتداده، وقيل: هو ضرب من نبات الرمل يمتدّ وينفرش.
  وقال أَبو حنيفة: الأُمْطِيُّ شجر ينبت في الرَّمْل قُضْباناً، وله عِلْك يُمْضَغ؛ قال العجاج ووصف ثور وحش:
  وبالفِرِنْدادِ له أُمطِيُّ
  وكل ذلك من المَدِّ لأَن العلكَ يَمْتَدّ.
  معي: ابن سيده: المَعَى والمِعَى من أَعْفاج البطن، مذكر، قال: ورَوى التأْنيث فيه من لا يوثق به، والجمع الأَمعاءُ، وقول القطامي:
  كأَنَّ نُسُوعَ رَحْلي، حين ضَمَّتْ ... حَوالِبَ غُرَّزاً ومِعًى جِياعا
  أَقام الواحد مقام الجمع كما قال تعالى: نُخْرِجكم طِفْلاً.
  قال الأَزهري عن الفراء: والمِعَى أَكثر الكلام على تذكيره، يقال: هذا مِعًى وثلاثة أَمعاء، وربما ذهبوا به إِلى التأْنيث كأَنه واحد دلَّ على الجمع، وأَنشد بيت القطامي: ومِعًى جِياعا.
  وقال الليث: واحد الأَمْعاءِ يقال مِعًى ومِعَيان وأَمْعاء، وهو المَصارين.
  قال الأَزهري: وهو جميع ما في البطن مما يتردد فيه من الحَوايا كلها.
  وفي الحديث: المؤمنُ يأْكل في مِعًى واحد والكافر يأْكل في سبعة أَمْعاءٍ، وهو مَثَل لأَن المؤمن لا يأْكل إِلا من الحلال ويتوقى الحرام والشبهة، والكافر لا يبالي ما أَكل ومن أَين أَكل وكيف أَكل، وقال أَبو عبيد: أُرى ذلك لتَسمية المؤمن عند طَعامه فتكون فيه البركة والكافر لا يَفعل ذلك، وقيل: إِنه خاص برجل كان يُكثر الأَكل قبل إِسلامه فلما أَسلم نقص أَكله، ويروي أَهل مصر أَنه أَبو بَصْرة الغِفاريّ، قال أَبو عبيد: لا نعلم للحديث وجهاً غيره لأَنا نرى من المسلمين من يَكْثُر أَكله ومن الكافرين مَن يقلّ أَكله، وحديث النبي، ﷺ، لا خُلْفَ له فلهذا وُجِّه هذا الوجه، قال الأَزهري: وفيه وجه ثالث أَحسَبه الصواب الذي لا يجوز غيره، وهو أَن قول النبي، ﷺ: المؤمن يأْكل في مِعًى واحد والكافر يأْكل في سبعة أَمعاءٍ، مَثَلٌ ضربه للمؤمن وزُهْدِه في الدنيا وقَناعَته بالبُلْغة من العيش وما أُوتي من الكِفاية، وللكافر واتساع رَغبته في الدنيا وحِرْصِه على جَمْع حُطامها ومَنْعها من حقها مع ما وصَف اللَّه تعالى به الكافرَ من حِرْصه على الحياة ورُكونه إِلى الدنيا واغْتِراره بزُخْرُفِها، فالزُّهد في الدنيا محمود لأَنه من أَخلاق المؤمنين، والحِرْصُ عليها وجَمْعُ عَرَضِها مذموم لأَنه من أَخلاق الكفار، ولهذا قيل: الرُّغْبُ شُؤْمٌ، لأَنه يحمل صاحبه على اقتحام النار، وليس معناه كثرة الأَكل دون اتساع الرغبة في الدنيا والحِرْص على جمعها، فالمراد من الحديث في مثل الكافر استكثاره من الدنيا والزيادةُ
(١) عجز البيت مختلّ الوزن.