لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهاء]

صفحة 425 - الجزء 15

  للأُمم التي تكون بعدها، ويحتمل أَن يكون لِما بين يديها لما سَلَفَ من ذنوبها، وهذا قول الزجاج.

  وقول الشيطان: ثم لآتِيَنَّهم من بينِ أَيْديهِم ومن خلفهم؛ أَي لأُغُوِيَنَّهم حتى يُكَذِّبوا بما تَقَدَّمَ ويكذِّبوا بأَمر البعث، وقيل: معنى الآية لآتِيَنَّهم من جميع الجِهات في الضَّلال، وقيل: مِن بينِ أَيْدِيهِم أَي لأُضِلَّنَّهم في جميع ما تقدَّم ولأُضِلَّنَّهم في جميع ما يُتَوقَّع؛ وقال الفراء: جعلناها يعني المسخة جُعِلت نَكالاً لِما مَضَى من الذُّنوب ولما تَعْمَل بَعْدَها.

  ويقال: بين يديك كذا لكل شيء أَمامَك؛ قال الله ø: مِن بينِ أَيْدِيهِم ومِن خَلْفِهم.

  ويقال: إِنَّ بين يَدَيِ الساعة أَهْوالاً أَي قُدَّامَها.

  وهذا ما قَدَّمَتْ يَداكَ وهو تأْكيد، كما يقال هذا ما جَنَتْ يَداك أَي جَنَيْته أَنت إلا أَنك تُؤَكِّد بها.

  ويقال: يَثُور الرَّهَجُ بين يَدي المطر، ويَهِيجُ السِّباب بين يدي القِتال.

  ويقال: يَدِيَ فلان مِن يَدِه إِذا شَلَّتْ.

  وقوله ø: يَدُ الله فوق أَيْديهم؛ قال الزجاج: يحتمل ثلاثة أَوجه: جاء الوجهان في التفسير فأَحدهما يَدُ الله في الوَفاء فوقَ أَيْديهم، والآخر يَدُ الله في الثواب فوق أَيْديهم، والثالث، والله أَعلم، يَدُ الله في المِنّةِ عليهم في الهِدايةِ فَوق أَيْديهم في الطاعة.

  وقال ابن عرفة في قوله ø: ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتِرِينَه بين أَيديهن وأَرْجُلِهِنَّ؛ أَي من جميع الجهات.

  قال: والأَفعال تُنْسَب إِلى الجَوارِح، قال: وسميت جَوارح لأَنها تَكْتسب.

  والعرب تقول لمن عمل شيئاً يُوبَّخ به: يَداك أَوْ كَتا وفُوكَ نَفَخَ؛ قال الزجاج: يقال للرجل إِذا وُبِّخَ ذلك بما كَسَبَتْ يَداكَ، وإِن كانت اليَدان لم تَجْنِيا شيئاً لأَنه يقال لكل من عَمِلَ عملاً كسَبَتْ يَداه لأَن اليَدَيْنِ الأَصل في التصرف؛ قال الله تعالى: ذلك بما كَسَبَتْ أَيْديكم؛ وكذلك قال الله تعالى: تَبَّتْ يدَا أَبي لَهَبٍ وتَبَّ.

  قال أَبو منصور: قوله ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَه بين أَيديهن وأَرجلهن، أَراد بالبُهْتان ولداً تحمله من غير زوجها فتقول هو من زوجها، وكنى بما بين يديها ورجليها عن الولد لأَن فرجها بين الرجلين وبطنها الذي تحمل فيه بين اليدين.

  الأَصمعي: يَدُ الثوب ما فَضَل منه إِذا تَعَطَّفْت والْتَحَفْتَ.

  يقال: ثوب قَصيرُ اليَدِ يَقْصُر عن أَن يُلْتَحَفَ به.

  وثوبٌ يَدِيٌّ وأَدِيٌّ: واسع؛ وأَنشد العجاج:

  بالدَّارِ إِذْ ثَوْبُ الصِّبا يَدِيُّ ... وإِذْ زَمانُ الناسِ دَغْفَلِيُّ

  وقَمِيصٌ قصير اليدين أَي قصير الكمين.

  وتقول: لا أَفعله يَدَ الدَّهْر أَي أَبداً.

  قال ابن بري: قال التَّوَّزِيُّ ثوب يَدِيٌّ واسع الكُمّ وضَيِّقُه، من الأَضداد؛ وأَنشد:

  عَيْشٌ يَدِيٌّ ضَيِّقٌ ودَغْفَلِي

  ويقال: لا آتِيه يَدَ الدَّهْر أَي الدَّهْرَ؛ هذا قول أَبي عبيد؛ وقال ابن الأَعرابي: معناه لا آتيه الدهْرَ كله؛ قال الأَعشى:

  رَواحُ العَشِيِّ وسَيْرُ الغُدُوّ ... يَدا الدَّهْرِ، حتى تُلاقي الخِيارا⁣(⁣١)

  الخِيار: المختارُ، يقع للواحد والجمع.

  يقال: رجل خِيارٌ وقومٌ خِيارٌ، وكذلك: لا آتيه يَدَ المُسْنَدِ أَي الدهرَ كله، وقد تقدَّم أَن المُسْنَدَ الدَّهْرُ.

  ويدُ الرجل: جماعةُ قومه وأَنصارُه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

  أَعْطى فأَعْطاني يَداً ودارا ... وباحَةً خَوَّلَها عَقارا


(١) قوله [رواح العشي الخ] ضبطت الحاء من رواح في الأَصل بما ترى.