لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

حرف الألف اللينة

صفحة 429 - الجزء 15

  وفَواعِل، ومنها التفضيل والتصغير كقوله فلان أَكْرَمُ منكَ وأَلأَمُ مِنْكَ وفلان أَجْهَلُ الناسِ، ومنها ألف النِّداء كقولك أَزَيْدُ؛ تريد يا زَيْدُ، ومنها أَلف النُّدبة كقولك وا زَيْداه أَعني الأَلف التي بعد الدال، ويشاكلها أَلف الاستنكار إذا قال رجل جاء أَبو عمرو فيُجِيب المجيب أَبو عَمْراه، زيدت الهاء على المدّة في الاستنكار كما زيدت في وا فُلاناه في الندبة، ومنها ألف التأْنيث نحو مدَّةٍ حَمْراء وبَيْضاء ونُفَساء، ومنها أَلف سَكْرَى وحُبْلَى، ومنها أَلف التَّعايِي وهو أَن يقول الرجل إن عُمر، ثم يُرْتَجُ عليه كلامُه فيقف على عُمر ويقول إن عُمرا، فيمدها مستمداً لما يُفتح له من الكلام فيقول مُنْطَلِق، المعنى إنَّ عمر منطلق إذا لم يَتعايَ، ويفعلون ذلك في الترخيم كما يقول يا عُما وهو يريد يا عُمر، فيمدّ فتحة الميم بالأَلف ليمتدّ الصوت؛ ومنها ألفات المدَّات كقول العرب لِلْكَلْكَلِ الكَلْكال، ويقولون للخاتَم خاتام، وللدانَق داناق.

  قال أَبو بكر: العرب تصل الفتحة بالأَلف والضمة بالواو والكسرة بالياء؛ فمِنَ وَصْلِهم الفتحة بالأَلف قولُ الراجز:

  قُلْتُ وقد خَرَّتْ علَى الكَلْكَالِ: ... يا ناقَتِي ما جُلْتِ عن مَجالِي

  أَراد: على الكَلْكَلِ فَوَصَل فتحة الكاف بالأَلف، وقال آخر:

  لَها مَتْنَتانِ خَظاتا كما

  أَرادَ: خَظَتا؛ ومِن وصلِهم الضمةَ بالواو ما أَنشده الفراء:

  لَوْ أَنَّ عَمْراً هَمَّ أَنْ يَرْقُودا ... فانْهَضْ فَشُدَّ المِئزَرَ المَعْقُودا

  أراد: أن يَرْقُدَ، فوصل ضمة القاف بالواو؛ وأَنشدَ أَيضاً:

  الله يَعْلَمُ أَنَّا في تَلَفُّتِنا ... يَومَ الفِراقِ، إلى إخْوانِنا صُورُ

  (⁣١) وأَنَّنِي حَيْثُما يَثْني الهَوَي بَصَرِي ... مِنْ حَيْثُما سَلَكُوا، أَدْنو فأَنْظُورُ

  أَراد: فأَنْظُرُ؛ وأَنشد في وَصْلِ الكسرة بالياء:

  لا عَهْدَ لِي بِنِيضالِ ... أَصْبحْتُ كالشَّنِّ البالِي

  أَراد: بِنِضال؛ وقال:

  علَى عَجَلٍ مِنِّي أُطَأْطِئُ شِيمالِي

  أَراد: شِمالِي، فوصل الكسرة بالياء؛ وقال عنترة:

  يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ

  أراد: يَنْبَعُ؛ قال: وهذا قول أَكثر أهل اللغة، وقال بعضهم: يَنْباعُ يَنْفَعِل من باعَ يَبُوع، والأَول يَفْعَلُ مِن نَبَعَ يَنْبَعُ؛ ومنها الأَلف المُحوَّلة، وهي كل ألف أصلها الياء والواو المتحركتان كقولك قال وباعَ وقضى وغَزا وما أشبهها؛ ومنها ألف التثنية كقولك يَجْلِسانِ ويَذْهَبانِ، ومنها ألف التثنية في الأَسماء كقولك الزَّيْدان والعَمْران.

  وقال أَبو زيد: سمعتهم يقولون أَيا أَياه أَقبل، وزنه عَيا عَياه.

  وقال أَبو بكر ابن الأَنباري: أَلف القطع في أَوائل الأَسماء على وجهين: أَحدهما أَن تكون في أَوائل الأَسماء المنفردة، والوجه الآخر أَن تكون في أَوائل الجمع، فالتي في أَوائل الأَسماء تعرفها بثباتها في التصغير بأَن تمتحن الأَلف فلا تجدها فاء ولا عيناً ولا لاماً، وكذلك فحَيُّوا بأَحسن منها، والفرق بين أَلف القطع وألف الوصل أن أَلف الوصل فاء من الفعل، وألف القطع


(١) قوله [إخواننا] تقدّم في صور: أحبابنا، وكذا هو في المحكم.