لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل القاف]

صفحة 75 - الجزء 2

  وفي حديث الدُّعاء: وجَعَلَ لكل منهم قِيتَةً مَقْسومةً من رِزْقِه، هي فِعْلَة من القَوْتِ، كمِيتَة من المَوتِ.

  ونَفَخَ في النار نَفْخاً قُوتاً، واقْتاتَ لها: كلاهما رَفَقَ بها.

  واقْتَتْ لنارِك قِيتةً أَي أَطْعِمْها؛ قال ذو الرمة:

  فقلتُ له: خُذْها إِليكَ، وأَحْيِها ... بروحِكَ، واقْتَتْه لها قِيتةً قَدْرا

  وإِذا نَفَخَّ نافخٌ في النار، قيل له: انْفُخْ نَفْخاً قُوتاً، واقْتُ لها نَفْخَك قِيتةً؛ يأْمُرُه بالرِّفْقِ والنَّفْخِ القليل.

  وأَقاتَ الشيءَ وأَقاتَ عليه: أَطاقَه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

  وبِما أَسْتَفِيدُ، ثم أُقِيتُ المالَ ... إِني امْرُؤٌ مُقِيتٌ مُفِيدُ

  وفي أَسماء الله تعالى: المُقِيتُ، هو الحَفِيظ، وقيل: المُقْتَدِرٌ، وقيل: هو الذي يُعْطِي أَقْواتَ الخلائق؛ وهو مِن أَقاتَه يُقِيتُه إِذا أَعطاه قُوتَه.

  وأَقاته أَيضاً: إِذا حَفِظَه.

  وفي التنزيل العزيز: وكان الله على كلِّ شيء مُقِيتاً.

  الفراء: المُقِيتُ المُقْتَدِرُ والمُقَدِّرُ، كالذي يُعْطِي كلَّ شيءٍ قوتَه.

  وقال الزجاجُ: المُقِيتُ القَديرُ، وقيل: الحفيظ؛ قال: وهو بالحفيظ أَشبه، لأَنه مُشْتَقُّ من القُوتِ.

  يقال: قُتُّ الرجلَ أَقُوتُه قَوْتاً إِذا حَفِظْتَ نَفْسَه بما يَقُوته.

  والقُوتُ: اسمُ الشيء الذي يَحْفَظُ نَفْسَه، ولا فَضْلَ فيه على قَدْرِ الحِفْظِ، فمعنى المُقِيتِ: الحفيظُ الذي يُعْطِي الشيءَ قَدْرَ الحاجة، من الحِفْظِ؛ وقال الفراس: المُقِيتُ المُقْتَدِرُ، كالذي يُعْطِي كلَّ رَجُلٍ قُوتَه.

  ويقال: المُقِيتُ الحافِظُ للشيء والشاهِدُ له؛ وأَنشد ثعلب للسَّمَوْأَل بن عادِياء:

  رُبَّ شَتْمٍ سَمِعْتُه وتَصامَمْتُ ... وعِيٍّ تَرَكْتُه. فكُفِيتُ

  لَيتَ شِعْري وأَشْعُرَنَّ إِذا ما ... قَرَّبُوها مَنْشُورةً، ودُعِيتُ أَلِيَ الفَضْلُ أَمْ عَليَّ، إِذا حُو

  سِبْتُ؟ إِني عَلى الحِسابِ مُقِيتُ

  أَي أَعْرِفُ ما عَمِلْتُ من السُّوء، لأَن الإِنسان على نفسه بصيرة.

  حكى ابن بري عن أَبي سعيد السيرافي، قال: الصحيح رواية من رَوَى:

  رَبِّي على الحِسابِ مُقِيتُ

  قال: لأَن الخاضعَ لربِّه لا يَصِفُ نفسَه بهذه الصفة.

  قال ابن بري: الذي حَمَلَ السيرافيَّ على تصحيح هذه الرواية، أَنه بَنَى على أَن مُقِيتاً بمعنى مُقْتَدِرٍ، ولو ذَهَبَ مَذْهَبَ من يقول إِنه الحافظ للشيء والشاهد له، كما ذكر الجوهري، لم يُنْكِر الروايةَ الأَوَّلَة.

  وقال أَبو إِسحق الزجاج: إِن المُقِيتَ بمعنى الحافظ والحفيظ، لأَنه مشتق من القَوتِ أَي مأْخوذ من قولهم: قُتُّ الرجلَ أَقُوتُه إِذا حَفِظْتَ نفسه بما يَقُوتُه.

  والقُوتُ: اسمُ الشيء الذي يَحْفَظُ نَفْسَه، قال: فمعنى المُقِيت على هذا: الحفيظُ الذي يُعْطِي الشيءَ على قدر الحاجة، مِن الحِفْظ؛ قال: وعلى هذا فُسِّرَ قولُه ø: وكان الله على كل شيء مُقِيتاً أَي حفيظاً.

  وقيل في تفسير بيت السَّمَوأَل: إِني على الحِسابِ مُقِيتُ؛ أَي مَوقوفٌ على الحساب؛ وقال آخر:

  ثم بَعْدَ المَماتِ يَنشُرني مَن ... هُو على النَّشْرِ، يا بُنَيَّ، مُقِيتُ