[فصل الثاء المثلثة]
  دِيةُ شِبْه العَمْد أَثلاثاً؛ أَي ثلاثٌ وثلاثون حقةً، وثلاثٌ وثلاثون جذعةً، وأربعٌ وثلاثون ثَنِيَّةً.
  وفي الحديث: قل هو الله أَحد، والذي نفسي بيده، إِنها لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن؛ جعلها تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن، لأَن القرآن العزيز لا يَتَجاوز ثلاثةَ أَقسام، وهي: الإِرْشاد إِلى معرفة ذات الله، ø، وتقديسه أَو معرفة صفاته وأَسمائه، أَو معرفة أَفعاله، وسُنَّته في عباده، ولما اشتملت سورة الإِخلاص على أَحد هذه الأَقسام الثلاثة، وهو التقديس، وازَنَها سيدُنا رسولُ الله، ﷺ، بثُلُثِ القرآن، لأَن مُنْتَهى التقديس أَن يكون واحداً في ثلاثة أُمور، لا يكون حاصلاً منه من هو من نوعه وشِبْهه، ودَلَّ عليه قولُه: لم يلد؛ ولا يكون هو حاصلاً ممن هو نظيره وشبهه، ودلَّ عليه قوله: ولم يولد؛ ولا يكون في درجته وإِن لم يكن أَصلاً له ولا فرعاً مَن هو مثله، ودل عليه قوله: ولم يكن له كفواً أَحد.
  ويجمع جميع ذلك قوله: قل هو الله أَحد؛ وجُمْلَتُه تفصيلُ قولك: لا إِله إِلا الله؛ فهذه أَسرار القرآن، ولا تَتناهَى أَمثالُها فيه، فلا رَطْب ولا يابس إِلا في كتاب مبين.
  وقولهم: فلان لا يَثْني ولا يَثْلِثُ أَي هو رجل كبير، فإِذا أَراد النُّهوضَ لم يقدر في مرَّة، ولا مرتين، ولا في ثلاث.
  والثلاثون من العدد: ليس على تضعيف الثلاثة، ولكن على تضعيف العشرة، ولذلك إِذا سميت رجلاً ثلاثين، لم تقل ثُلَيِّثُون، ثُلَيْثُونَ؛ عَلَّل ذلك سيبويه.
  وقالوا: كانوا تسعة وعشرين فثَلَثْتُهم أَثْلِثُهم أَي صِرْتُ لهم مَقام الثلاثين.
  وأَثْلَثوا: صاروا ثلاثين، كل ذلك على لفظ الثلاثة، وكذلك جميعُ العُقود إِلى المائة، تصريفُ فعلها كتصريف الآحاد.
  والثَّلاثاء: من الأَيام؛ كان حَقُّه الثالث، ولكنَّه صيغ له هذا البناء ليَتَفَرَّد به، كما فُعِلَ ذلك بالدَّبَرانِ.
  وحكي عن ثعلب: مَضَت الثَّلاثاءُ بما فيها فأَنَّث.
  وكان أَبو الجرّاح يقول: مَضَت الثلاثاءُ بما فيهن، يُخْرِجُها مُخْرَج العدد، والجمع ثَلاثاواتُ وأَثالِثُ؛ حكى الأَخيرَة المُطَرِّزِيُّ، عن ثعلب.
  وحكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: لا تكن ثَلاثاوِيّاً أَي ممن يصوم الثَّلاثاءَ وحده.
  التهذيب: والثَّلاثاء لمَّا جُعِلَ اسماً، جُعلت الهاء التي كانت في العدد مَدَّة فرقاً بين الحالين، وكذلك الأَرْبِعاء من الأَرْبعة؛ فهذه الأَسماء جُعلت بالمدّ توكيداً للاسم، كما قالوا: حَسَنةٌ وحَسْناء، وقَصَبة وقَصْباء، حيث أَلْزَمُوا النعتَ إِلزام الاسم، وكذلك الشَّجْراء والطَّرْفاء، والواحدُ من كل ذلك بوزن فعلة.
  وقول الشاعر، أَنشده ابن الأَعرابي؛ قال ابن بري: وهو لعبد الله بن الزبير يهجو طَيِّئاً:
  فإِنْ تَثْلِثُوا نَرْبَعْ، وإِن يَكُ خامِسٌ ... يكنْ سادِسٌ، حتى يُبِيرَكم القَتْلُ
  أَراد بقوله: تَثْلِثُوا أَي تَقْتُلوا ثالثاً؛ وبعده:
  وإِن تَسْبَعُوا نَثْمِنْ، وإِن يَكُ تاسِعٌ ... يكنْ عاشرٌ، حتى يكونَ لنا الفَضْلُ
  يقول: إِن صرْتم ثلاثة صِرْنا أَربعة، وإِن صِرْتم أَربعةً صِرْنا خمسة، فلا نَبْرَحُ نَزيد عليكم أَبداً.
  ويقال: فلانٌ ثالثُ ثلاثةٍ، مضاف.
  وفي التنزيل العزيز: لقد كفر الذين قالوا إِن الله ثالثُ ثلاثةٍ.
  قال الفراء: لا يكون إِلا مضافاً، ولا يجوز ثلاثةٍ.
  قال الفراء: لا يكون إِلا مضافاً، ولا يجوز التنوين في ثالث، فتنصب الثلاثةَ؛ وكذلك قوله: ثانيَ اثْنَين، لا يكون إِلا مضافاً، لأَنه في مذهب