لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل السين المهملة]

صفحة 98 - الجزء 1

  وفعل، وهذا القول إِشارة إِلى غَدْرٍ كان المُغِيرةُ فَعَله مع قوم صَحِبوه في الجاهلية، فقَتَلهم وأَخَذَ أَمْوالَهم.

  وفي حديث ابن عباس ® في قوله تعالى: وطَفِقا يَخْصِفان عليهما مِنْ وَرَقِ الجَنَّة؛ قال: يَجْعلانِه على سَوْآتِهما أَي على فُرُوجِهما.

  ورَجُلُ سَوْءٍ: يَعملُ عَمَل سَوْءٍ، وإذا عرَّفتَه وصَفْت به وتقول: هذا رجلُ سَوْءٍ، بالإِضافة، وتُدخِلُ عليه الأَلفَ واللام فتقول: هذا رَجُلُ السَّوْء.

  قال الفرزدق:

  وكنتُ كَذِئبِ السَّوْءِ لَمَّا رأَى دَماً ... بِصاحِبه، يوْماً، أَحالَ على الدَّمِ

  قال الأَخفش: ولا يقال الرجُلُ السَّوْءُ، ويقال الحقُّ اليَقِينُ، وحَقُّ اليَّقِينِ، جميعاً، لأَنَّ السَّوْءَ ليس بالرجُل، واليَقِينُ هُو الحَقُّ.

  قال: ولا يقال هذا رجلُ السُّوءِ، بالضم.

  قال ابن بري: وقد أَجاز الأَخفش أَن يقال: رَجُلُ السَّوْءِ ورَجُلُ سَوْءٍ، بفتح السين فيهما، ولم يُجوِّزْ رجل سُوء، بضم السين، لأَن السُّوء اسم للضر وسُوء الحال، وإنما يُضاف إلى المَصْدر الذي هو فِعْله كما يقال رجلُ الضَّرْبِ والطَّعْنِ فيَقوم مَقام قولك رجلٌ ضَرَّابٌ وطَعَّانٌ، فلهذا جاز أَن يقال: رجل السَّوْءِ، بالفتح، ولم يَجُز أَن يقال: هذا رجلُ السُّوءِ، بالضم.

  قال ابن هانئ: المصدر السَّوْءُ، واسم الفِعْل السُّوءُ، وقال: السَّوْءُ مصدر سُؤْته أَسُوءُه سَوءًا، وأَما السُّوء فاسْم الفِعْل.

  قال اللَّه تعالى: وظَنَنْتُم ظَنَّ السَّوْءِ، وكنتُمْ قَوْماً بُوراً.

  وتقول في النكرة: رجل سَوْءٍ، وإذا عَرَّفت قلت: هذا الرَّجلُ السَّوْءُ، ولم تُضِفْ، وتقول: هذا عَمَلُ سَوْءٍ، ولا تقل السَّوْءِ، لأَن السَّوْءَ يكون نعتاً للرجل، ولا يكون السَّوْء نعتاً للعمل، لأَن الفِعل من الرجل وليس الفِعل من السَّوْءِ، كما تقول: قَوْلُ صِدْقٍ، والقَوْلُ الصِّدْقُ، ورَجلٌ صِدْقٌ، ولا تقول: رجلُ الصِّدْقِ، لأَن الرجل ليس من الصِّدْقِ.

  الفرّاء في قوله ø: عليهم دائرةُ السَّوْءِ؛ مثل قولك: رجلُ السَّوْءِ.

  قال: ودائرةُ السَّوْءِ: العذابُ.

  السَّوْء، بالفتح، أَفْشَى في القراءة وأَكثر، وقلما تقول العرب: دائرةُ السُّوءِ، برفع السين.

  وقال الزجاج في قوله تعالى: الظانِّينَ باللَّه ظَنَّ السَّوْءِ عليهم دائرةُ السَّوْءِ.

  كانوا ظَنُّوا أَنْ لَنْ يَعُودَ الرسولُ والمُؤمِنون إلى أَهليهم، فَجَعل اللَّه دائرةَ السَّوْءِ عليهم.

  قال: ومن قرأ ظَنِّ السُّوء، فهو جائز.

  قال: ولا أَعلم أَحداً قرأ بها إلَّا أَنها قد رُوِيت.

  وزعم الخليل وسيبويه: أَن معنى السَّوْءِ ههنا الفَساد، يعني الظانِّينَ باللَّه ظنَّ الفَسادِ، وهو ما ظَنُّوا أَنَّ الرسولَ ومَن معَه لا يَرجِعون.

  قال اللَّه تعالى: عليهم دائرةُ السَّوْءِ، أَي الفَسادُ والهلاكُ يَقَعُ بهم.

  قال الأَزهريّ: قوله لا أَعلم أَحداً قرأَ ظنّ السُّوءِ، بضم السين ممدودة، صحيح، وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو: دائرة السُّوءِ، بضم السين ممدودة، في سورة براءَة وسورة الفتح، وقرأَ سائر القرّاءِ السَّوْء، بفتح السين في السورتين.

  وقال الفرّاءُ في سورة براءَة في قوله تعالى: ويَتَرَبَّصُ بكم الدّوائر عليهم دائرةُ السَّوْءِ؛ قال: قرأَ القُرّاءُ بنصب السين، وأَراد بالسَّوْءِ المصدر من سُؤْتُه سَوءًا ومَساءَةً ومَسائِيةً وسَوائِيةً، فهذه مصادر، ومَن رَفع السين جَعَله اسماً كقولك: عليهم دائرةُ البَلاءِ والعَذاب.

  قال: ولا يجوز ضم السين في قوله تعالى: ما كان أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ؛ ولا في قوله: وظَنَنْتُم ظَنَّ السَّوْءِ؛ لأَنه ضِدٌّ لقولهم: هذا رجلُ صِدْقٍ، وثوبُ صِدْقٍ، وليس للسَّوءِ ههنا معنى في بَلاءٍ ولا عَذاب، فيضم.

  وقرئَ قوله تعالى: عليهم