لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

فصل الفاء

صفحة 123 - الجزء 1

  ويقال تَفاطأَ فلان عن القوم بعدما حَمَلَ عليهم تَفاطُؤاً وذلك إذا انْكسر عنهم ورجَعَ، وتَبازَخَ عنهم تَبازُخاً في معناها.

  فقأ: فَقَأَ العَينَ والبَثْرةَ ونحوهما يفْقَؤُهما فَقْأً وفَقَّأَها تَفْقِئةً فانْفَقَأَتْ وتَفَقَّأَتْ: كسَرَها.

  وقيل قَلعها وبَخَقَها، عن اللحياني.

  وفي الحديث: لو أَنّ رجلاً اطَّلعَ في بَيتِ قوم بغير إذْنهم ففَقَؤُوا عينَه لم يكن عليهم شيء، أَي شَقوها.

  والفَقْءُ: الشَّقُّ والبَخْصُ.

  وفي حديث موسى #: أَنه فَقَأَ عينَ مَلَكِ الموْتِ.

  ومنه الحديثُ: كأَنما فُقِئَ في وجهِه حَبُّ الرُّمَّانِ، أَي بُخِصَ.

  وفي حديث أَبي بكر ¥: تَفَقَّأَتْ أَي انْفَلَقَتْ وانْشَقَّتْ.

  ومن مسائل الكتاب: تَفَقَأْتُ شَحْماً، بنصبه على التمييز، أَي تَفَقَّأَ شَحْمِي، فنُقِل الفعل فصار في اللفظ لَيٌّ، فخرج الفاعل، في الأَصل، مميِّزاً، ولا يجوز عَرَقاً تَصَبَّبتُ، وذلك أَن هذا المميز هو الفاعل في المعنى، فكما لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل كذلك لا يجوز تقديم المميز، إذ كان هو الفاعل في المعنى، على الفعل؛ هذا قول ابن جني.

  وقال ويقال للضعيف الوداع: إنه لا يُفَقِّئُ البيضَ.

  الليث: انْفَقَأَتِ العَينُ وانْفَقَأَتِ البَثْرةُ، وبكى حتى كاد يَنْفَقِئُ بطنُه: يَنْشَقُّ.

  وكانت العرب في الجاهلية إذا بَلغ إبلُ الرجل منهم أَلفاً فَقَأَ عينَ بعِير منها وسرَّحَه حتى لا يُنْتَفَع به.

  وأَنشد:

  غَلَبْتُكَ بالمُفَقِّئِ والمُعَنَّى ... وبَيْتِ المُّحْتَبي والخافِقاتِ

  قال الأَزهري: ليس معنى المُفَقِّئِ، في هذا البيت، ما ذَهَب إليه الليث، وإنما أَراد به الفرزدق قوله لجرير:

  ولستَ، ولو فَقَّأْتَ عَيْنَكَ، واجداً ... أَباً لك، إنْ عُدَّ المَساعي، كدارِمِ

  وتَفَقَّأَتِ البُهْمَى تَفَقُّؤاً: انْشَقَّتْ لفَائفُها عن نَوْرِها.

  ويقال: فَقَأَت فَقْأً إذا تشقَّقت لفائفُها عن ثَمرَتها.

  وتَفَقَّأَ الدُّمَّلُ والقَرْحُ وتَفَقَّأَتِ السحابةُ عن مائها: تَشَقَّقتْ.

  وتَفَقَّأَت: تَبَعَّجَت بمائها.

  قال ابن أَحمر:

  تَفَقَّأَ فوقه القَلَعُ السَّوارِي ... وجُنَّ الخازِبازِ به جُنُونا

  الخازِبازِ: صوت الذُّباب، سمي الذُّباب به، وهما صوتان جُعِلا صوتاً واحداً لأَن صوته خازِبازِ، ومن أَعْرَبه نَزَّله منزلة الكلمة الواحدة فقال: خازِبازُ.

  والهاء في قوله تَفَقَّأَ فوقَه، عائدةٌ على قوله بِهَجْلٍ في البيت الذي قبله:

  بهَجْلٍ مِن قَساً ذَفِرِ الخُزامَى ... (⁣١)، تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا

  يعني فوق الهَجْل.

  والهَجْلُ: هو المُطْمئِنُّ من الأَرض.

  والجِرْبِياء: الشَّمالُ.

  ويقال: أَصابَتْنا فَقْأَةٌ أَي سحابة لا رَعْدَ فيها ولا بَرْقَ ومَطَرُها مُتقارِب.

  والفَقْءُ: السَّابِياءُ التي تَنْفَقِئُ عن رأْس الولد.

  وفي الصحاح: وهو الذي يخرج على رأس الولد، والجَمع فُقوءٌ.

  وحكى كراع في جمعِه فاقِياء، قال: وهذا غلط لأَن مثل هذا لم يَأْتِ في الجَمْعِ.

  قال: وأُرى الفاقِياء لغة في الفَقْء كالسَّابِياء، وأَصله فاقِئاءُ، بالهمز، فكُرِه


(١) قوله [بهجل] سيأتي في قسأ عن المحكم بجوّ.