لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

فصل الفاء

صفحة 126 - الجزء 1

  عن الشيءِ الذي يكون قد لابَسه الإِنسانُ وباشَرَه.

  وفاءَ المُولِي من امرأَتِه: كَفَّرَ يَمينَه ورَجَعَ إليها.

  قال اللَّه تعالى: فإنْ فاؤُوا فإِنَّ غفورٌ رحيمٌ.

  قال: الفَيْءُ في كتاب اللَّه تعالى على ثلاثة مَعانٍ مَرْجِعُها إلى أَصل واحد وهو الرجوع.

  قال اللَّه تعالى في المُولِين مِن نسائهم: فإِنْ فاؤُوا فإنَّ اللَّه غفور رحيم.

  وذلك أَنَّ المُولي حَلَفَ أَنْ لا يَطَأَ امرأَتَه فجعَل اللَّه مدةَ أَربعةِ أشْهُر بعدَ إِيلائه، فإِن جامَعها في الأَربعة أَشهر فقد فاءَ، أَي رَجَعَ عما حَلَفَ عليه من أَنْ لا يُجامِعُها، إلى جِماعِها، وعليه لحِنْثِه كَفَّارةُ يَمينٍ، وإن لم يِجامِعْها حتى تَنْقَضِي أَربعةُ أَشهر مِنْ يوم آلَى، فإن ابن عباس وجماعة من الصحابة ¤ أَوقعوا عليها تطليقة، وجعلوا عن الطلاق انْقِضاءَ الأَشهر، وخَالفَهم الجماعة الكثيرة من أَصْحابِ رَسُول اللَّه، ، وغيرهم من أَهل العلم، وقالوا: إذا انْقَضَتْ أَربعةُ أَشهر ولم يُجامِعْها وُقِفَ المّولي، فَإِمَّا أَنْ يَفِيء أَي يَجامِعُ ويُكفِّرَ، وإَمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، فهذا هو الفَيءُ من الإِيلاءِ، وهو الرُّجوعُ إلى ما حَلفَ أَنْ لا يَفْعَلَه.

  قال عبد اللَّه بن المكرم: وهذا هو نص التنزيل العزيز: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهم تَرَبُّصُ أَرْبَعةِ أَشْهُرٍ، فإنْ فاؤوا، فإنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحيمٌ، وإنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ، فإِنَّ اللَّه سَمِيعٌ عليمٌ.

  وتَفَيَّأْتِ المرأَةُ لزوجها: تَثَنَّتْ عليه وتَكَسَّرَتْ له تَدَلُّلاً وأَلْقَتْ نَفْسَها عليه؛ من الفَيْءِ وهو الرُّجوع، وقد ذكر ذلك في القاف.

  قال الأَزهري: وهو تصحيف والصواب تَفَيَّأَتْ، بالفاء.

  ومنه قول الراجز:

  تَفَيَّأَتْ ذاتُ الدَّلالِ والخَفَرْ ... لِعابِسٍ، جافي الدَّلال، مُقْشَعِرْ

  والفَيْءُ: الغَنِيمةُ، والخَراجُ.

  تقول منه: أَفاءَ اللَّه على المُسْلِمينَ مالَ الكُفَّارِ يُفِيءُ إِفاءَةً.

  وقد تكرَّر في الحديث ذكر الفَيْءِ على اخْتِلاف تَصرُّفِه، وهو ما حَصل لِلمُسلِمينَ من أَموالِ الكُفَّار من غير حَرْب ولا جِهادٍ.

  وأَصْلُ الفَيْءِ: الرُجوعُ، كأَنه كانَ في الأَصْل لهم فَرَجَعَ إليهم، ومنه قِيل للظِّلِّ الذي يكون بعدَ الزوالِ فَيْءٌ لأَنه يَرْجِعُ من جانِب الغَرْب إلى جانب الشَّرْق.

  وفي الحديث: جاءَتِ امرأَةٌ مِن الأَنصار بابْنَتيْنِ لها، فقالت: يا رسولَ اللَّه هاتان ابْنَتَا فُلانٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ، وقد اسْتَفاءَ عَمُّهما مالَهما ومِراثَهما، أَي اسْتَرْجَعَ حَقَّهُما مِن المِيراث وجَعَلَه فَيْئاً له، وهو اسْتَفْعَلَ مِن الفَيْءِ.

  ومنه حديث عُمر ¥: فلَقَدْ رَأَيتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانَهُما أَي نأْخُذُها لأَنْفُسِنا ونَقْتَسِمُ بها.

  وقد فِئْتُ فَيْئاً واسْتَفَأْتُ هذا المالَ: أَخَذْتُه فَيْئاً.

  وأَفاءَ اللَّه عليه يُفيءُ إِفاءَةً.

  قال اللَّه تعالى: ما أَفاءَ اللَّه على رَسُولِه مِن أَهْلِ القُرى.

  التهذيب: الفَيْءُ ما رَدَّ اللَّه تعالى علَى أَهْلِ دِينِه من أَمْوال مَنْ خالَفَ دِينَه، بلا قِتالٍ، إِمَّا بأَنْ يُجْلَوا عَن أَوْطانِهِم ويُخَلُّوها للمسلمين، أَو يُصالِحُوا على جِزْيةٍ يُؤَدُّونَها عَن رُؤوسِهم، أَو مالٍ غَيْرِ الجَزْيةِ يَفْتَدُونَ به مِن سَفْكِ دِمائهم، فهذا المالُ هو الفَيْءُ.

  في كتاب اللَّه قال اللَّه تعالى: فَما أَوْجَفْتُم عليه من خَيْلٍ ولا ركابٍ.

  أَي لم تُوجِفُوا عليه خَيْلَا ولا رِكاباً، نزلت في أَموال بَنِي النضير حِينَ نَقَضُوا العَهْدَ وجُلُوا عن أَوْطانِهم إلى الشام، فَقَسَمَ رسولُ اللَّه، ، أَموالَهم مِن النَّخِيل وغَيْرِها في الوُجُوه التي أَراه اللَّه أَن