لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الفاء]

صفحة 538 - الجزء 2

  وقد جاء التفسير بالمعنيين جميعاً. روي أَن أَبا جهل قال يومئذ: اللهم أَقْطَعُنا للرحم وأَفْسَدُنا للجماعة فأَحِنْه اليومَ فسأَل اللَّه أَن يَحْكُمَ بحَيْنِ من كان كذلك، فنصر النبي، ، وناله هو الحَيْنُ وأَصحابُه، وقال اللَّه ø: إِن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح، أَراد إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء، وقيل إِنه قال: اللهم انْصُرْ أَحَبَّ الفِئَتَينِ إِليك، فهذا يدل أَن معناه إِن تستنصروا، وكلا القولين جَيِّدٌ.

  وقوله تعالى: إِنا فتحنا لك فتحاً مبيناً، قال الزجاج: جاء في التفسير قضينا لك قضاءً مبيناً أَي حكمنا لك بإِظهار دين الإِسلام وبالنصر على عدوِّكَ، قال الأَزهري: قال قتادة أَي قضينا لك قضاءً فيما اختار اللَّه لك من مُهادَنةِ أَهل مكة وموادعتهم عام الحديبية، ابن سيده قال: وأَكثر ما جاء في التفسير أَنه فَتْحُ الحُدَيْبية، وكانت فيه آية عظيمة من آيات النبي، ، وكان هذا الفتح عن غير قتال شديد، قيل: إِنه كان عن تراض بين القوم، وكانت هذه البئر اسْتُقِيَ جميعُ ما فيها من الماء حتى نَزَحَتْ ولم يبق فيها ماء، فتمضمض رسول اللَّه، ، ثم مَجَّه فيها فَدَرَّتِ البئرُ بالماء حتى شرب جميع من كان معه.

  وقوله تعالى: إِذا جاء نصر اللَّه والفتح، قيل عنى فتح مكة، وجاء في التفسير أَنه نُعِيَتْ إلى النبي، ، نَفْسُه في هذه السورة، فأُعْلِمَ أَنه إِذا جاء فتح مكة ودخل الناس في الإِسلام أَفواجاً فقد قرب أَجله، فكان يقول: إِنه قد نُعِيَتْ إِليَّ نفسي في هذه السورة، فأَمر اللَّه أَن يكثر التسبيح والاستغفار.

  الأَزهري: وقول اللَّه تعالى: ويقولون مَتى هذا الفَتْحُ إِن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا يَنْفَعُ الذين كفروا إِيمانُهم ولا هم يُنْظَرونَ، قال مجاهد: يوم الفتح ههنا يوم القيامة، وكذلك قال قتادة والكلبي، وقال قتادة: كان أَصحاب رسول اللَّه، ، يقولون: إن لنا يوماً أَوْشَكَ أَن نستريح فيه ونَنْعَمَ، فقال الكفار: متى هذا الفتح إن كنتم صادقين وقال الفراء: يوم الفتح عنى به فتح مكة، قال الأَزهري: والتفسير جاء بخلاف ما قال، وقد نَفَعَ الكفارَ من أَهل مكة إِيمانُهم يوم الفتح، وقال الزجاج: جاء أَيضاً في قوله ويقولون متى هذا الفتح متى هذا الحكم والقضاء فأَعلم اللَّه أَن يوم ذلك الفتح لا ينفع الذين كفروا إِيمانهم أَي ما داموا في الدنيا فالتوبة مُعَرَّضة ولا توبة في الآخرة.

  وقوله تعالى: ففتحنا أَبواب السماء، أَي فأَجَبْنا الدعاء.

  واسْتَفْتَحَ اللَّه على فلانٍ: سأَله النصر عليه ونحو ذلك.

  والفَتَاحَةُ: النُّصْرَةُ.

  الجوهري: الفُتاحة، بالضم، الحُكمُ.

  والفُتاحةُ والفِتاحةُ: أَن تحكم بين خصمين، وقيل: الفُتاحة الحكومة، قال الأَشْعَرُ الجُعْفِيُّ:

  أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً رسولًا ... فإِني عن فُتاحَتِكم غَنِيٌّ

  الأَزهري: الفَتْحُ أَن تحكم بين قوم يختصمون إِليك، كما قال سبحانه مخبراً عن شعيب: ربنا افْتَحْ بيننا وبين قومنا بالحق وأَنت خير الفاتحين.

  الأَزهري: والفُتاح الحكومة.

  ويقال للقاضي: الفَتَّاحُ لأَنه يَفْتَحُ مواضع الحق، وقوله تعالى: ربنا افْتَحْ بيننا، أَي اقْض بيننا.

  وفي حديث الصلاة: لا يُفْتَحُ على الإِمام، أَراد إِذا أُرتِجَ عليه في القراءة وهو في الصلاة لا يَفْتَحُ له المأْموم ما أُرْتِجَ عليه أَي لا يُلَقِّنُه، ويقال: أَراد بالإِمام السلطان، وبالفَتْحِ الحكمَ، أَي إِذا حكم بشيء فلا يُحْكَمُ بخلافه.