[فصل الميم]
  تخالُه من كَرْبِهِنَّ كالِحا ... وافْتَرَّ صاباً ونَشُوقاً مالِحا
  وقال غَسَّان السَّلِيطيّ:
  وبِيضٍ غِذاهُنَّ الحَليبُ، ولم يكنْ ... غِذاهُنَّ نِينانٌ من البحر مالِحُ
  أَحَبُّ إِلينا من أُناسٍ بقَرْيةٍ ... يَموجُونَ مَوْجَ البحرِ، والبحرُ جامحُ
  وقال عمر بن أَبي ربيعة:
  ولو تَفلتْ في البحرِ، والبحرُ مالحٌ ... لأَصْبَحَ ماءُ البحرِ من رِيقها عَذْبا
  قال ابن بري: وجدت هذا البيت المنسوب إِلى عمر ابن أَبي ربيعة في شعر أَبي عُيَيْنَةَ محمد بن أَبي صُفْرة في قصيدة أَوّلها:
  تَجَنَّى علينا أَهلُ مَكتومةَ الذَّنْبا ... وكانوا لنا سِلْماً، فصاروا لنا حَرْبا
  وقال أَبو زِياد الكلابي:
  صَبَّحْنَ قَوًّا، والحِمامُ واقِعُ ... وماءُ قَوٍّ مالِحٌ وناقِعُ
  وقال جرير:
  إِلى المُهَلَّبِ جَدَّ الله دابِرَهُمْ ... أَمْسَوا رَماداً، فلا أَصلٌ ولا طَرَفُ
  كانوا إِذا جَعَلوا في صِيرِهِمْ بِصَلًا ... ثم اشْتَوَوا كَنْعَداً من مالحٍ جَدَفوا
  قال وقال ابن الأَعرابي: يقال شيء مالح كما يقال حامض؛ قال ابن بري: وقال أَبو الجَرَّاحِ: الحَمْضُ المالح من الشجر.
  قال ابن بري: ووجه جواز هذا من جهة العربية أَن يكون على النسب، مثل قولهم ماء دافق أَي ذو دَفْق، وكذلك ماء مالح أَي ذو مِلْح، وكما يقال رجل تارِسٌ أَي ذو تُرْس، ودارِع أَي ذو دِرْع؛ قال: ولا يكون هذا جارياً على الفعل؛ ابن سيده: وسَمك مالح ومَليح ومَمْلوح ومُمَلَّح وكره بعضهم مَليحاً ومالحاً، ولم يَرَ بيتَ عُذافِرٍ حُجَّةً؛ وهو قوله:
  لو شاءَ رَبي لم أَكُنْ كَرِيَّا ... ولم أَسُقْ لِشَعْفَرَ المَطِيَّا
  بِصْرِيَّةٍ تزوَّجت بِصْرِيَّا ... يُطْعِمُها المالحَ والطَّرِيَّا
  وقد عارض هذا الشاعرَ رجلٌ من حنيفة فقال:
  أَكْرَيْتُ خَرْقاً ماجداً سَرِيَّا ... ذا زوجةٍ كان بها حَفِيَّا،
  يُطْعِمُها المالِحَ والطَّرِيَّا
  وأَمْلَح القومُ: ورَدُوا ماء مِلْحاً.
  وأَملَحَ الإِبلَ: سقاها ماء مِلْحاً.
  وأَمْلَحَتْ هي: وردت ماء مِلْحاً.
  وتَمَلَّحَ الرجلُ: تَزَوَّدَ المِلْحَ أَو تَجَرَ به؛ قال ابن مقبل يصف سحاباً:
  تَرَى كلَّ وادٍ سال فيه، كأَنما ... أَناخَ عليه راكبٌ مُتَمَلِّحُ
  والمَلَّاحَةُ: مَنْبِتُ المِلْح كالبَقَّالة لمنبت البَقْل.
  والمَمْلَحةُ: ما يجعل فيه الملح.
  والمَلَّاح: صاحب المِلْح؛ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد:
  حتى تَرَى الحُجُراتِ كلَّ عَشِيَّةٍ ... ما حَوْلَها، كمُعَرَّسِ المَلَّاحِ
  ويروى الحَجَرات.
  والمَلَّاحُ: النُّوتيّ؛ وفي التهذيب: صاحب السفينة لملازمته الماءَ المِلْح، وهو أَيضاً الذي يتعهد فُوهَةَ النهر ليُصْلحه وأَصله من ذلك، وحِرْفَتُه المِلاحَةُ والمُلَّاحِيَّةُ؛ وأَنشد الأَزهري للأَعشى: