[فصل الباء الموحدة]
  يجوز أَن يكون جمع الأَبردين اللذين هما الظل والفيء أَو اللذين هما الغداة والعشيّ؛ وقيل: البردان العصران وكذلك الأَبردان، وقيل: هما الغداة والعشي؛ وقيل: ظلَّاهما وهما الرّدْفانِ والصَّرْعانِ والقِرْنانِ.
  وفي الحديث: أَبْرِدُوا بالظهر فإِن شدّة الحرّ من فيح جهنم؛ قال ابن الأَثير: الإِبراد انكسار الوَهَج والحرّ وهو من الإِبراد الدخول في البَرْدِ؛ وقيل: معناه صلوها في أَوّل وقتها من بَرْدِ النهار، وهو أَوّله.
  وأَبرد القومُ: دخلوا في آخر النهار.
  وقولهم: أَبرِدوا عنكم من الظهيرة أَي لا تسيروا حتى ينكسر حرّها ويَبُوخ.
  ويقال: جئناك مُبْرِدين إِذا جاؤوا وقد باخ الحر.
  وقال محمد بن كعب: الإِبْرادُ أَن تزيغ الشمس، قال: والركب في السفر يقولون إِذا زاغت الشمس قد أَبردتم فرُوحُوا؛ قال ابن أَحمر:
  في مَوْكبٍ، زَحِلِ الهواجِر، مُبْرِد
  قال الأَزهري: لا أَعرف محمد بن كعب هذا غير أَنّ الذي قاله صحيح من كلام العرب، وذلك أَنهم ينزلون للتغوير في شدّة الحر ويقيلون، فإِذا زالت الشمس ثاروا إِلى ركابهم فغيروا عليها أَقتابها ورحالها ونادى مناديهم: أَلا قد أَبْرَدْتم فاركبوا قال الليث: يقال أَبرد القوم إِذا صاروا في وقت القُرِّ آخر القيظ.
  وفي الحديث: من صلى البَرْدَيْنِ دخل الجنة؛ البردانِ والأَبْرَدانِ: الغداةُ والعشيّ؛ ومنه حديث ابن الزبير: كان يسير بنا الأَبْرَدَيْنِ؛ وحديثه الآخر مع فَضالة بن شريك: وسِرْ بها البَرْدَيْن.
  وبَرَدَنا الليلُ يَبْرُدُنا بَرْداً وبَرَدَ علينا: أَصابنا برده.
  وليلة باردة العيش وبَرْدَتُه: هنيئته؛ قال نصيب:
  فيا لَكَ ذا وُدٍّ، ويا لَكِ ليلةً ... بَخِلْتِ وكانت بَرْدةَ العيشِ ناعِمه
  وأَما قوله: لا بارد ولا كريم؛ فإِن المنذري روى عن ابن السكيت أَنه قال: وعيش بارد هنيء طيب؛ قال:
  قَلِيلَةُ لحمِ الناظرَيْنِ، يَزِينُها ... شبابٌ، ومخفوضٌ من العيشِ بارِدُ
  أَي طاب لها عيشها.
  قال: ومثله قولهم نسأَلك الجنة وبَرْدَها أَي طيبها ونعيمها.
  قال ابن شميل: إِذا قال: وابَرْدَه(١) على الفؤاد إِذا أَصاب شيئاً هنيئاً، وكذلك وابَرْدَاه على الفؤاد.
  ويجد الرجل بالغداة البردَ فيقول: إِنما هي إِبْرِدَةُ الثرى وإِبْرِدَةُ النَّدَى.
  ويقول الرجل من العرب: إِنها لباردة اليوم فيقول له الآخر: ليست بباردة إِنما هي إِبْرِدَةُ الثرى.
  ابن الأَعرابي: الباردة الرباحة في التجارة ساعة يشتريها.
  والباردة: الغنيمة الحاصلة بغير تعب؛ ومنه قول النبي، ﷺ: الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة لتحصيله الأَجر بلا ظمإٍ في الهواجر أَي لا تعب فيه ولا مشقة.
  وكل محبوب عندهم: بارد؛ وقيل: معناه الغنيمة الثابتة المستقرة من قولهم بَرَدَ لي على فلان حق أَي ثبت؛ ومنه حديث عمر: وَدِدْتُ أَنه بَرَدَ لنا عملُنا.
  ابن الأَعرابي: يقال أَبرد طعامه وبَرَدَه وبَرَّدَه.
  والمبرود: خبز يُبْرَدُ في الماءِ تطعمه النِّساءُ للسُّمْنة؛ يقال: بَرَدْتُ الخبز بالماءِ إِذا صببت عليه الماء فبللته، واسم ذلك الخبز المبلول: البَرُودُ والمبرود.
  والبَرَدُ: سحاب كالجَمَد، سمي بذلك لشدة برده.
  وسحاب بَرِدٌ وأَبْرَدُ: ذو قُرٍّ وبردٍ؛ قال:
  يا هِندُ هِندُ بَيْنَ خِلْبٍ وكَبِدْ ... أَسْقاك عني هازِمُ الرَّعْد برِدْ
(١) قوله [قال ابن شميل إِذا قال وابرده الخ] كذا في نسخة المؤلف والمناسب هنا أن يقال: ويقول وابرده على الفؤاد إذا أصاب شيئاً هنيئاً الخ.