[فصل الحاء المهملة]
  وأَرادوا قتله فاستَحَدَّ لئلا يظهر شعر عانته عند قتله.
  وفي الحديث الذي جاء في عَشْرٍ من السُّنَّةِ: الاستحدادُ من العشر، وهو حلق العانة بالحديد؛ ومنه الحديث حين قدم من سفر فأَراد الناس أَن يطرقوا النساء ليلاً فقال: أَمْهِلوا كي تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ أَي تحلق عانتها؛ قال أَبو عبيد: وهو استفعال من الحديدة يعني الاستحلاق بها، استعمله على طريق الكناية والتورية.
  الأَصمعي: استحدَّ الرجلُ إِذا أَحَدَّ شَفْرته بحديدة وغيرها.
  ورائحة حادَّةٌ: ذَكِيَّةً، على المثل.
  وناقة حديدةُ الجِرَّةِ: توجد لِجِرَّتها ريح حادّة، وذلك مما يُحْمَدُ.
  وحَدُّ كل شيء: طَرَفُ شَبَاتِه كَحَدِّ السكين والسيف والسّنان والسهم؛ وقيل: الحَدُّ من كل ذلك ما رق من شَفْرَتِه، والجمع حُدُودٌ.
  وحَدُّ الخمر والشراب: صَلابَتُها؛ قال الأَعشى:
  وكأْسٍ كعين الديك باكَرْت حَدَّها ... بِفتْيانِ صِدْقٍ، والنواقيسُ تُضْرَبُ
  وحَدُّ الرجُل: بأْسُه ونفاذُه في نَجْدَتِه؛ يقال: إِنه لذو حَدٍّ؛ وقال العجاج:
  أَم كيف حدّ مطر الفطيم
  وحَدَّ بَصَرَه إِليه يَحُدُّه وأَحَدَّه؛ الأُولى عن اللحياني: كلاهما حَدَّقَه إِليه ورماه به.
  ورجل حديد الناظر، على المثل: لا يهتم بريبة فيكون عليه غَضاضَةٌ فيها، فيكون كما قال تعالى: ينظرون من طرف خفيّ؛ وكما قال جرير:
  فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنك من نُمَيْرٍ
  قال ابن سيده: هذا قول الفارسي.
  وحَدَّدَ الزرعُ: تأَخر خروجه لتأَخر المطر ثم خرج ولم يَشْعَبْ.
  والحَدُّ: المَنْعُ.
  وحدَّ الرجلَ عن الأَمر يَحُدُّه حَدّاً: منعه وحبسه؛ تقول: حَدَدْتُ فلاناً عن الشر أَي منعته؛ ومنه قول النابغة:
  إِلَّا سُلَيْمانَ إِذْ قال الإِله لَه: ... قُمْ في البرية فاحْدُدْها عن الفَنَدِ
  والْحَدَّادُ: البَوَّابُ والسَّجَّانُ لأَنهما يمنعان من فيه أَن يخرج؛ قال الشاعر:
  يقول ليَ الحَدَّادُ، وهو يقودني ... إِلى السجن: لا تَفْزَعْ، فما بك من باس
  قال ابن سيده: كذا الرواية بغير همز باس على أَن بعده:
  ويترك عُذْري وهو أَضحى من الشمس
  وكان الحكم على هذا أَن يهمز بأْساً لكنه خفف تخفيفاً في قوّة فما بك من بأْس، ولو قلبه قلباً حتى يكون كرجل ماش لم يجز مع قوله وهو أَضحى من الشمس، لأَنه كان يكون أَحد البيتين بردف، وهو أَلف باس، والثاني بغير ردف، وهذا غير معروف؛ ويقال للسجان: حَدَّادٌ لأَنه يمنع من الخروج أَو لأَنه يعالج الحديد من القيود.
  وفي حديث أَبي جهل لما قال في خزَنة النار وهم تسعة عشر ما قال، قال له الصحابة: تقيس الملايكة بالْحَدَّادين؛ يعني السجانين لأَنهم يمنعون المُحْبَسينَ من الخروج، ويجوز أَن يكون أَراد به صُنَّاع الحديد لأَنهم من أَوسخ الصُّنَّاع ثوباً وبدناً؛ وأَما قول الأَعشى يصف الخمر والخَمَّار:
  فَقُمْنَا، ولمَّا يَصِحْ ديكُنا ... إِلى جُونَةٍ عند حَدَّادِها
  فإِنه سمى الخَمَّار حَدَّاداً، وذلك لمنعه إِياها وحفظه لها وإِمساكه لها حتى يُبْدَلَ له ثمنها الذي يرضيه.