[فصل النون]
  تَأَخُّرُ العُمُرِ والبَقَاء.
  وقرأَ أَبو عمرو: ما نَنْسَخْ مَن آيةٍ أَو نَنْسَأْها، المعنى: ما نَنْسَخْ لك من اللَّوْحِ المَحْفُوظ، أَو نَنْسَأْها: نُؤَخِّرْها ولا نُنْزِلْها.
  وقال أَبو العباس: التأْويل أَنه نَسخَها بغيرها وأَقَرَّ خَطَّها، وهذا عندهم الأَكثر والأَجودُ.
  ونَسَأَ الشيءَ نَسْأً: باعه بتأْخيرٍ، والاسم النَّسِيئةُ.
  تقول: نَسَأْتُه البيعَ وأَنْسَأْتُه وبِعْتُه بِنُسْأَةٍ وبعته بِكُلأَةٍ وبعته بِنَسِيئةٍ أَي بأَخَرةٍ والنَّسِيءُ: شهر كانت العرب تُؤَخِّره في الجاهلية، فنَهى اللَّه ø، عنه.
  وقوله، ø: إِنما النَسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر.
  قال الفرّاءُ: النَّسِيءُ المصدر، ويكون المَنْسُوءَ، مثل قَتِيلٍ ومَقْتولٍ، والنَّسِيءُ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول من قولك نَسَأتُ الشيءَ، فهو مَنْسُوءٌ إذا أَخَّرْته، ثم يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إلى نَسيءٍ، كما يُحَوَّل مَقْتول إلى قَتيل.
  ورجل ناسِئٌ وقوم نَسَأَةٌ، مثل فاسِقٍ وفَسَقةٍ، وذلك أَن العرب كانوا إذا صدروا عن مِنى يقوم رجل منهم من كنانة فيقول: أَنا الذي لا أُعابُ ولا أُجابُ ولا يُرَدُّ لي قضاءٌ، فيقولون: صَدَقْتَ أَنْسِئْنا شهراً أَي أَخِّرْ عنَّا حُرْمة المُحرَّم واجعلها في صَفَر وأَحِلَّ المُحرَّمَ، لأَنهم كانوا يَكرهون أَن يَتوالى عليهم ثلاثة أَشهر حُرُمٍ، لا يُغِيرُون فيها لأَنَّ مَعاشَهم كان من الغارة، فيُحِلُّ لهم المحرَّم، فذلك الإِنساءُ.
  قال أَبو منصور: النَّسِيءُ في قوله، ø: إنما النَّسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر؛ بمعنى الإِنْسَاءِ، اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من أَنْسَأْتُ.
  وقد قال بعضهم: نَسَأْتُ في هذا الموضع بمعنى أَنْسَأْتُ.
  وقال عُمير بن قَيْسِ بنِ جِذْلِ الطِّعان:
  أَلَسْنا النَّاسِئِينَ، على مَعَدٍّ ... شُهُورَ الحِلِّ، نَجْعَلُها حَراما
  وفي حديث ابن عباس، ®: كانت النُّسْأَةُ في كِنْدَةَ.
  النُسْأَةُ، بالضم وسكون السين: النَّسِيءُ الذي ذكره اللَّه في كتابه من تأخير الشهور بعضها إلى بعض.
  وانْتَسَأْتُ عنه: تأَخَّرْتُ وتباعَدْتُ.
  وكذلك الإِبل إذا تَباعَدَتْ في المرعى.
  ويقال: إنّ لي عنك لمُنْتَسَأً أَي مُنْتَأًى وسَعَةً.
  وأَنْسَأَه الدَّينَ والبَيْع: أَخَّرَه به أَي جعله مُؤَخراً، كأَنه جعله له بأَخَرةٍ.
  واسم ذلك الدَّيْن: النَّسيئةُ.
  وفي الحديث: إنما الرِّبا في النَّسِيئةِ هي البَيْعُ إلى أَجل معلوم، يريد: أَنَّ بيع الرِّبَوِيّات بالتأْخِير من غير تَقابُض هو الرِّبا، وإن كان بغير زيادة.
  قال ابن الأَثير: وهذا مذهب ابن عباس، كان يرى بَيْعَ الرِّبَوِيَّاتِ مُتفاضِلة مع التَّقابُض جائزاً، وأَن الرِّبا مخصوص بالنَّسِيئة.
  واسْتَنْسأَه: سأَله أَن يُنْسِئَه دَيْنَه.
  وأَنشد ثعلب:
  قد اسْتَنْسَأَتْ حَقِّي رَبيعةُ لِلْحَيا ... وعندَ الحَيا عارٌ عَلَيْكَ عَظيمُ
  وإنَّ قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعةً ... من المُخِّ، في أَنْقاءِ كلِّ حَلِيم
  قال: هذا رجل كان له على رجل بعير طَلَب منه حَقَّه.
  قال: فأَنظِرني حتى أُخْصِبَ.
  فقال: إِن أَعطيتني اليوم جملاً مهزولاً كان خيراً لك من أَن تُعْطِيَه إذا أَخْصَبَتْ إِبلُكَ.
  وتقول: اسْتَنْسَأْتُه