[فصل الشين المعجمة]
  تبغونها عِوَجاً وأَنْتم شُهَداء؛ أي أَنتم تشهدون وتعلمون أَن نبوة محمد، ﷺ، حق لأَن الله، ø، قد بينه في كتابكم.
  وقوله ø: يوم يقوم الأَشْهادُ؛ يعني الملائكة، والأَشهادُ: جمع شاهد مثل ناصر وأَنصار وصاحب وأَصحاب، وقيل: إِن الأَشْهاد هم الأَنبياءُ والمؤمنون يَشْهدُون على المكذبين بمحمد، ﷺ، قال مجاهد ويَتْلُوه شاهد منه أَي حافظٌ مَلَكٌ.
  وروى شمِر في حديث أَبي أَيوب الأَنصاري: أَنه ذكَرَ صلاة العصر ثم قال: قلنا لأَبي أَيوب: ما الشَّاهِدُ؟ قال: النَّجمُ كأَنه يَشْهَدُ في الليل أَي يحْضُرُ ويَظْهَر.
  وصلاةُ الشاهِدِ: صلاةُ المغرب، وهو اسمها؛ قال شمر: هو راجع إِلى ما فسره أَبو أَيوب أَنه النجم؛ قال غيره: وتسمى هذه الصلاةُ صلاةَ البَصَرِ لأَنه تُبْصَرُ في وقته نجوم السماء فالبَصَرُ يُدْرِكُ رؤْيةَ النجم؛ ولذلك قيل له(١) صلاةُ البصر، وقيل في صلاةِ الشاهد: إِنها صلاةُ الفجر لأَنَّ المسافر يصليها كالشاهد لا يَقْصُرُ منها؛ قال:
  فَصَبَّحَتْ قبلَ أَذانِ الأَوَّلِ ... تَيْماء، والصُّبْحُ كَسَيْفِ الصَّيْقَل،
  قَبْلَ صلاةِ الشاهِدِ المُسْتَعْجل
  وروي عن أَبي سعيد الضرير أَنه قال: صلاة المغرب تسمى شاهداً لاستواءِ المقيم والمسافر فيها وأَنها لا تُقْصَر؛ قال أَبو منصور: والقَوْلُ الأَوَّل، لأَن صلاة الفجر لا تُقْصَر أَيضاً ويستوي فيها الحاضر والمسافر ولم تُسَمَّ شاهداً.
  وقوله ø: فمن شَهِدَ منكم الشهر قليصمه؛ معناه من شَهْدِ منكم المِصْرَ في الشهر لا يكون إِلا ذلك لأَن الشهر يَشْهَدُه كلُّ حَيٍّ فيه؛ قال الفراء: نَصَبَ الشهر بنزع الصفة ولم ينصبه بوقوع الفعل عليه؛ المعنى: فمن شَهِدَ منكم في الشهر أَي كان حاضراً غير غائب في سفره.
  وشاهَدَ الأَمرَ والمِصر: كَشهِدَه.
  وامرأَة مُشْهِدٌ: حاضرة البعل، بغير هاءٍ.
  وامرأَة مُغِيبَة: غاب عنها زوجها.
  وهذه بالهاءِ، هكذا حفظ عن العرب لا على مذهب القياس.
  وفي حديث عائشة: قالت لامرأَة عثمان بن مَظْعُون وقد تَرَكَت الخضاب والطِّيبَ: أَمُشْهِدٌ أَم مُغِيبٌ؟ قالت: مُشْهِدٌ كَمُغِيبٍ؛ يقال: امرأَة مُشْهِدٌ إِذا كان زوجها حاضراً عندها، ومُغِيبٌ إِذا كان زوجها غائباً عنها.
  ويقال فيه: مُغِيبَة ولا يقال مُشْهِدَةٌ؛ أَرادت أَن زوجها حاضر لكنه لا يَقْرَبُها فهو كالغائب عنها.
  والشهادة والمَشْهَدُ: المَجْمَعُ من الناس.
  والمَشْهَد: مَحْضَرُ الناس.
  ومَشاهِدُ مكة: المَواطِنُ التي يجتمعون بها، من هذا.
  وقوله تعالى: وشاهدٍ ومشهودٍ؛ الشاهِدُ: النبي، ﷺ، والمَشْهودُ: يومُ القيامة.
  وقال الفراءُ: الشاهِدُ يومُ الجمعة، والمشهود يوم عرفةَ لأَن الناس يَشْهَدونه ويَحْضُرونه ويجتمعون فيه.
  قال: ويقال أَيضاً: الشاهد يومُ القيامة فكأَنه قال: واليَوْمِ الموعودِ والشاهد، فجعل الشاهد من صلة الموعود يتبعه في خفضه.
  وفي حديث الصلاة: فإِنها مَشْهودة مكتوبة أَي تَشْهَدُها الملائكة وتَكتُبُ أَجرها للمصلي.
  وفي حديث صلاة الفجر: فإِنها مَشْهودة مَحْضورة يَحْضُرها ملائكة الليل والنهار، هذه صاعِدةٌ وهذه نازِلَةٌ.
  قال ابن سيده: والشاهِدُ من الشهادة عند السلطان؛ لم يفسره كراع بأَكثر من هذا.
(١) قوله [قيل له] أي المذكور صلاة الخ فالتذكير صحيح وهو الموجود في الأَصل المعول عليه.