لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الشين المعجمة]

صفحة 242 - الجزء 3

  والشَّهِيدُ: المقْتول في سبيل الله، والجمع شُهَداء.

  وفي الحديث: أَرواحُ الشهَداءِ في حَواصِل طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ من وَرَق⁣(⁣١) الجنة، والإِسم الشهادة.

  واسْتُشْهِدَ: قُتِلَ شهِيداً.

  وتَشَهَّدَ: طلب الشهادة.

  والشَّهِيدُ: الحيُّ؛ عن النصر بن شميل في تفسير الشهيد الذي يُسْتَشْهَدُ: الحيّ أَي هو عند ربه حيّ.

  ذكره أَبو داود⁣(⁣٢) أَنه سأَل النضر عن الشهيد فلان شَهِيد يُقال: فلان حيّ أَي هو عند ربه حيّ؛ قال أَبو منصور: أُراه تأَول قول الله ø: ولا تحسبن الذين قُتِلوا في سبيل الله أَمواتاً بل أَحياءٌ عند ربهم؛ كأَنَّ أَرواحهم أُحْضِرَتْ دارَ السلام أَحياءً، وأَرواح غَيْرِهِم أُخِّرَتْ إِلى البعث؛ قال: وهذا قول حسن.

  وقال ابن الأَنباري: سمي الشهيد شهيداً لأَن الله وملائكته شُهودٌ له بالجنة؛ وقيل: سُمُّوا شهداء لأَنهم ممن يُسْتَشْهَدُ يوم القيامة مع النبي، ، على الأُمم الخالية.

  قال الله ø: لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً؛ وقال أَبو إِسحق الزجاج: جاءَ في التفسير أَن أُمم الأَنبياء تكَذِّبُ في الآخرة من أُرْسِلَ إِليهم فيجحدون أَنبياءَهم، هذا فيمن جَحَدَ في الدنيا منهم أَمْرَ الرسل، فتشهَدُ أُمة محمد، ، بصدق الأَنبياء وتشهد عليهم بتكذيبهم، ويَشْهَدُ النبيُّ، ، لهذه بصدقهم.

  قال أَبو منصور: والشهادة تكون للأَفضل فالأَفضل من الأُمة، فأَفضلهم من قُتِلَ في سبيل الله، مُيِّزوا عن الخَلْقِ بالفَضْلِ وبيَّن الله أَنهم أَحياءٌ عند ربهم يُرْزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله؛ ثم يتلوهم في الفضل من عدّه النبي، ، شهيداً فإِنه قال: المَبْطُونُ شَهيد، والمَطْعُون شَهِيد.

  قال: ومنهم أَن تَمُوتَ المرأَةُ بِجُمَع.

  ودل خبر عمر بن الخطاب، ¥: أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ مُنْكَراً وأَقام حَقّاً ولم يَخَفْ في الله لَومَة لائم أَنه في جملة الشهداء، لقوله، ¥: ما لكم إِذا رأَيتم الرجل يَخْرِقُ أَعْراضَ الناس أَن لا تَعْزِمُوا عليه؟ قالوا: نَخافُ لسانه، فقال: ذلك أَحْرَى أَن لا تكونوا شهداء.

  قال الأَزهري: معناه، والله أَعلم، أَنَّكم إِذا لم تَعْزِموا وتُقَبِّحوا على من يَقْرِضُ أَعْراضَ المسلمين مخافة لسانه، لم تكونوا في جملة الشهداء الذين يُسْتَشهَدُون يوم القيامة على الأُمم التي كذبت أَنبياءَها في الدنيا.

  الكسائي: أُشْهِدَ الرجلُ إِذا استُشهد في سبيل الله، فهو مُشْهَدٌ، بفتح الهاءِ؛ وأَنشد:

  أَنا أَقولُ سَأَموتُ مُشْهَداً

  وفي الحديث: المبْطُونُ شَهِيدٌ والغَريقُ شَهيدٌ؛ قال: الشهيدُ في الأَصل من قُتِلَ مجاهداً في سبيل الله، ثم اتُّسِعَ فيه فأُطلق على من سماه النبي، ، من المَبْطُون والغَرِق والحَرِق وصاحب الهَدْمِ وذات الجَنْب وغيرِهم، وسُمِّيَ شَهيداً لأَن ملائكته شُهُودٌ له بالجنة؛ وقيل: لأَنه حَيُّ لم يمت كأَنه شاهد أَي حاضر، وقيل: لأَن ملائكة الرحمة تَشْهَدُه، وقيل: لقيامه بشهادَة الحق في أَمْرِ الله حتى قُتِلَ، وقيل: لأَنه يَشْهَدُ


(١) قوله [تعلق من ورق الخ] في المصباح علقت الإِبل من الشجر علقاً من باب قتل وعلوقاً: أكلت منها بأفواهها. وعلقت في الوادي من باب تعب: سرحت. وقوله، #: أرواح الشهداء تعلق من ورق الجنة، قيل: يروى من الأَول، وهو الوجه إذ لو كان من الثاني لقيل تعلق في ورق، وقيل من الثاني، قال القرطبي وهو الأَكثر.

(٢) قوله [ذكره أبو داود إلى قوله قال أبو منصور] كذا بالأَصل المعول عليه ولا يخفى ما فيه من غموض. وقوله [كأن أرواحهم] كذا به أيضاً ولعله محذوف عن لان أرواحهم.