لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل القاف]

صفحة 350 - الجزء 3

  الأَعرابي: أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سكت ذَلاً وأَخْرَدَ إِذا سكت حياء.

  وفي الحديث: إِيَّاكُمْ والإِقْرادَ، قالوا: يا رسول الله، وما الإِقرادُ؟ قال: الرجل يكون منكم أَميراً أَو عاملاً فيأْتيه المِسْكينُ والأَرملة فيقول لهم: مكانَكم، ويأْتيه⁣(⁣١) الشريفُ والغني فيدنيه ويقول: عجلوا قضاء حاجتِه، ويُتْرَكُ الآخَرون مُقْرِدين.

  يقال: أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سكت ذلًّا، وأَصله أَن يقع الغُرابُ على البعير فَيَلْتَقِطَ القِرْدانَ فَيَقِرَّ ويسكن لما يجده من الراحة.

  وفي حديث عائشة، ^: كان لنا وحْشٌ فإِذا خرج رسول الله، ، أَسْعَرَنا قَفْزاً فإِذا حَضَرَ مَجِيئُه أَقرَدَ أَي سكَنَ وذَلَّ.

  وأَقْرَدَ الرجلُ وقَرِدَ: ذَلَّ وخَضَع، وقيل: سكت عن عِيٍّ.

  وأَقرَدَ أَي سَكَنَ وتمَاوَت؛ وأَنشد الأَحمر:

  تقولُ إِذا اقْلَوْلى عليها وأَقْرَدَتْ ... أَلا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدائِم؟

  قال ابن بري: البيت للفرزدق يذكر امرأَة إِذا علاها الفحل أَقرَدَتْ وسكنت وطلبت منه أَن يكون فعله دائماً متصلًا.

  والقَرَدُ: لَجْلَجَة في اللسان؛ عن الهَجَريّ، وحكي: نِعْمَ الخَبَرُ خبَرُكَ لولا قَرَدٌ في لسانك، وهو من هذا لأَن المُتَلَجْلِجَ لسانُه يسكت عن بعض ما يُريدُ الكلامَ به.

  أَبو سعيد: القِرْديدَةُ صُلْبُ الكلام.

  وحكي عن أَعرابي أَنه قال: اسْتَوْقَحَ الكلامُ فلم يَسْهُلْ فأَخذت قِرديدةً منه فركِبْتُه ولم أَزُغْ عنه يميناً ولا شمالًا.

  وقرِدَت أَسنانُه قَرَداً: صَغُرَتْ ولحِقَتْ بالدُّرْدُر.

  وقَرِدَ العِلْكُ قَرَداً: فَسَد طعمُه.

  والقِرْد: معروف.

  والجمع أَقرادٌ وأَقْرُد وقُرودٌ وقِرَدَةٌ كثيرة.

  قال ابن جني في قوله ø: كونوا قِرَدَةً خاسئين: ينبغي أَن يكون خاسئين خبراً آخر لكونوا والأَوَّلُ قِرَدَةً، فهو كقولك هذا حُلْو حامض، وإِن جعلته وصفاً لقِرَدَة صَغُرَ معناه، أَلا ترى أَن القِرْد لذُّلِّه وصَغارِه خاسئ أَبداً، فيكون إِذاً صفة غير مُفيدَة، وإِذا جعلت خاسئين خبراً ثانياً حسن وأَفاد حتى كأَنه قال كونوا قردة كونوا خاسئين، أَلا ترى أَن لأَحد الاسمين من الاختصاص بالخبرية ما لصاحبه وليست كذلك الصفة بعد الموصوف، إِنما اختصاص العامل بالموصوف ثم الصفةُ بعد تابعة له.

  قال: ولست أَعني بقولي كأَنه قال كونوا قردة كونوا خاسئين أَن العامل في خاسئين عامل ثان غير الأَوّل، معاذ الله أَن أُريد ذلك إِنما هذا شيء يُقَدَّر مع البدل، فأَما في الخبرين فإِن العامل فيهما جميعاً واحد.

  ولو كان هناك عامل لما كانا خبرين لمخبر عنه واحد.

  ولو كان هناك عامل لما كانا خبرين لمخبر عنه واحد، وإِنما مفاد الخبر من مجموعهما؛ قال: ولهذا كان عند أَبي علي أَن العائد على المبتدإِ من مجموعهما وإِنما أُريد أَنك متى شئت باشرت كونوا أَي الاسمين آثَرْتَ وليس كذلك الصفة، ويُؤضنِسُ لذلك أَنه لو كانت خاسئين صفة لقردة لكان الأَخلقُ أَن يكون قردة خاسئة، فأَنْ لم يُقْرأْ بذلك البتةَ دلالةٌ على أَنه ليس بوصف وإِن كان قد يجوز أَن يكون خاسئين صفة لقردة على المعنى، إِذ كان المعنى إِنما هي هم في المعنى إِلا أَن هذا إِنما هو جائز، وليس بالوجه بل الوجه أَن يكون وصفاً لو كان على اللفظ فكيف وقد سبق ضعف الصفة هنا؟ والأُنثى قِرْدَة والجمع قِرَدٌ مثل قِرْبَةٍ وقِرَبٍ.

  والقَرَّادُ: سائِسُ القُرُودِ.

  وفي المثل: إِنه لأَزْنى من قِرْدٍ؛ قال أَبو عبيد: هو رجل من هذيل يقال له


(١) قوله [مكانكم ويأتيه] كذا بالأَصل وفي النهاية مكانكم حتى أنظر في حوائجكم، ويأتيه...