لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهاء]

صفحة 183 - الجزء 1

  فَسِيلُ النخل. قال:

  أَبَعْدَ عَطِيَّتِي أَلْفاً جَمِيعاً ... مِنَ المَرْجُوِّ، ثاقِبةَ الهِراءِ

  أَنشده أَبو حنيفة قال: ومعنى قوله ثاقِبةَ الهِراءِ: أَنّ النخل إذا اسْتَفْحَل ثُقِبَ في أُصُوله.

  والهُرَاءُ⁣(⁣١): اسم شَيْطانٍ مُوَكَّل بِقَبِيح الأَحْلام.

  هزأ: الهُزْءُ والهُزُؤُ: السُّخْرِيةُ.

  هُزِئَ به ومنه.

  وهَزَأَ يَهْزَأُ فيهما هُزْءاً وهُزُؤاً ومَهْزَأَةً، وتَهَزَّأَ واسْتَهْزَأَ به: سَخِرَ.

  وقوله تعالى: إِنما نَحْنُ مُسْتَهْزِئون، اللَّه يَسْتَهْزِئُ بهم.

  قال الزجاج: القِراءَةُ الجَيِّدة على التحقيق، فإذا خَفَّفْتَ الهمزة جَعَلْتَ الهمزةَ بين الواو والهمزة، فقلت مُسْتَهْزِئون، فهذا الاختيار بعد التحقيق، ويجوز أَن يُبدل منها ياءٌ فَتُقْرَأَ مُسْتَهْزِيُون؛ فأَما مُسْتَهْزُونَ، فضعيف لا وَجْه له إلا شاذاً، على قول من أَبدل الهمزة ياءً، فقال في اسْتَهْزَأْتُ اسْتَهْزَيْتُ، فيجب على اسْتَهْزَيْتُ مُسْتَهْزُونَ.

  وقال: فيه أَوجه من الجَواب؛ قيل: معنى اسْتِهْزَاءِ اللَّه بهم أَن أَظهر لهم من أَحْكامه في الدنيا خَلافَ ما لهم في الآخرةِ، كما أَظْهَرُوا للمسلمين في الدنيا خِلافَ ما أَسَرُّوا.

  ويجوز أَن يكون اسْتِهْزَاؤُه بهم أَخْذَه إيَّاهم من حَيْثُ لا يَعْلَمُون، كما قال، عزّ من قائل: سَنَسْتَدْرِجُهم مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون؛ ويجوز، وهو الوجه المختار عند أَهل اللغة، أَن يكون معنى يَسْتَهْزِئُ بهم يُجازِيهم على هُزُئِهم بالعَذاب، فسمي جَزاءُ الذَّنْب باسمه، كما قال تعالى: وجزاءُ سَيِّئةٍ سَيِّئةٌ مِثلُها؛ فالثانية ليست بِسَيِّئة في الحقيقة إِنما سميت شيئة لازْدِواجِ الكلام، فهذه ثلاثة أَوجه.

  ورجلٌ هُزَأَةٌ، بالتحريك، يَهْزَأُ بالناس.

  وهُزْأَةٌ، بالتسكين: يُهْزَأُ به، وقيل يُهْزَأُ منه.

  قال يونس: إذا قال الرجلُ هَزِئتُ منك، فقد أَخْطأَ، إنما هو هَزِئتُ بك.

  وقال أَبو عمرو: يقال سَخِرْتُ منك، ولا يقال: سَخِرْتُ بك.

  وهَزَأَ الشيءَ يَهْزَؤُه هَزْءاً: كَسَره.

  قال يَصِفُ دِرْعاً:

  لهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً ... وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ

  عُكَنُ الدِّرْعِ: ما تَثَنَّى منها.

  والباءُ في قوله بالمَعابِل زائدة، هذا قول أَهل اللغة.

  قال ابن سيده: وهو عندي خطأٌ، إنما تَهْزَأُ ههنا من الهُزْءِ الذي هو السُّخْرِيُّ، كأَنَّ هذه الدّرْعَ لمَّا رَدَّتِ النَّبْلَ خُنْساً جُعِلَتْ هازِئةً بها.

  وهَزَأَ الرجلُ: ماتَ، عن ابن الأَعرابي.

  وهَزَأَ الرجلُ إِبِلَه هَزْءاً، قَتَلَها بالبَرْدِ، والمعروف هَرَأَها، والظاهر أَن الزاي تصحيف.

  ابن الأَعرابي: أَهْزَأَه البَرْدُ وأَهْرَأَه إذا قَتَلَه.

  ومثله: أَزْغَلَتْ وأَرْغَلَتْ فيما يتعاقب فيه الراءُ والزاي.

  الأَصمعي وغيره: نَزَأْتُ الرّاحِلةَ وهَزَأْتها إذا حَرَّكْتَها.

  همأ: هَمَأَ الثَّوْبَ يَهْمَؤُه هَمْأً: جَذَبَه فَانْخَرَقَ.

  وانْهَمَأَ ثَوْبُه وتَهَمَّأَ: انْقَطَعَ من البِلَى، وربما قالوا تَهتَّأَ، بالتاء، وقد تقدم.

  والهِمْءُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ، وجمع الهِمْءِ أَهْمَاءٌ.


(١) قوله [والهراء اسم الخ] ضبط الهراء في المحكم بالضم وبه في النهاية أيضاً في ه ر ي من المعتل ولذلك ضبط الحديث في تلك المادة بالضم فانظره مع عطف القاموس له هنا على المكسور.