[فصل الهاء]
  في قلبِه سَوْرتان فإذا كانت الأُولى منهما لله فلا تَهِيدَنَّه الآخرةُ أَي لا يَمْنَعَنَّه ذلك الذي تقدَّمت فيه نيته لله ولا يُحَرِّكَنَّه ولا يُزِيلَنَّه عنها، والمعنى: إِذا أَراد فعلاً وصحت نيته فيه فوَسوس له الشيطانُ فقال إِنك تريد بهذا الرِّياءَ فلا يمنعه ذلك من فعله.
  الهَيْدُ: الحركة.
  وهادَه يَهِيدُه هَيْداً وهَيَّدَه: حَرَّكَه وأَصلَحَه.
  وفي الحديث: أَنه قيل للنبي، ﷺ، في مسجده: يا رسول الله، هِدْه، فقال: بل عَرْشٌ كَعَرْشِ موسى؛ قوله هِدْه: كان ابن عيينة يقول معناه أَصْلِحْه؛ قال: وتأْويله كما قال وأَصله أَن يُرادَ به الإِصلاحُ بعدَ الهَدْم أَي هُدَّه ثم أَصْلِحْه.
  وكلُّ شيءٍ حَرَّكْتَه، فقد هِدْتَه تَهِيدُه هَيْداً، فكأَنّ المعنى أَنه يُهْدَمُ ويُسْتأْنَفُ بناوضه ويُصْلَح.
  وفي الحديث: يا نارُ لا تَهيدِيه أَي لاتَزْعِجيه.
  وفي حديث ابن عمر: لو لَقِيتُ قاتِلَ أَبي في الحرم ما هِدْتُه؛ يريد ما حَرَّكْتُه ولا أَزعَجْتُه.
  وما هادَه كذا وكذا أَي ما حَرَّكَه.
  وما هَيَّدَ عن شَتْمِي أَي ما تأَخَّرَ ولا كذَّب؛ وقد ذُكِرَ ذلك في النون لأَنهما لغتان هَنَّدَ وهَيَّدَ.
  وقال بعضهم في قوله: ما هَيَّدَ عن شَتْمِي، قال: لا يُنْطَقُ بِيَهِيدُ في المستقبل منه إِلا مع حرف الجحد.
  ولا يَهِيدَنَّكَ هذا عن رَأْيِكَ أَي لا يُزِيلَنَّكَ.
  وما لَه هَيْدٌ ولا هادٌ أَي حركة؛ قال ابن هرمة:
  ثم اسْتَقامَتْ له الأَعْناقُ طائعةً ... فما يُقالُ له هَيْدٌ ولا هادُ
  قال ابن بري: صواب إِنشاده: فما يقال له هَيْدٌ ولا هادِ، فيكون هَيْدِ مبنيّاً على الكسر وكذلك هادِ؛ وأَول القصيدة:
  إِني إِذا الجارُ لم تُحْفَظْ مَحارِمُه ... ولم يُقَلْ دُونَه هَيْدِ ولا هادِ،
  لا أَخْذُل الجارَ بل أَحْمِي مَباءَتَه ... وليس جاري كَعُسٍّ بينَ أَعْوادِ
  وقيل: معنى ما يقال له هَيْد ولا هاد أَي لا يحرك ولا يُمْنَع من شيء ولا يُزْجَرُ عنه.
  تقول: هِدْتُ الرجل وهَيَّدْتُه؛ عن يعقوب.
  وهِدْتُ الرجل أَهِيدُه هَيْداً إِذا زَجَرْتَه عن الشيء وصرفته عنه.
  يقال: هِدْه يا رجل أَي أَزِلْه عن موضعه؛ وأَنشد بيت ابن هرمة:
  فَما يُقالُ له هَيْدٌ ولا هادُ
  أَي لا يحرَّك ولا يمنع من شيء ولا يزجر عنه، ويجوز ما يقال له هَيْدِ بالخفض في موضع رفع حكاية مثل صه وغاقِ ونحوه.
  والهَيْدُ: من قولك هادَني هَيْدٌ أَي كربني.
  وقولُهم ما له هَيْد ولا هاد أَي ما يقال له هَيْد ولا هاد.
  ويقال: أَتى فلان القوم فما قالوا له هَيد ما لَك أَي ما سأَلوه عن حاله؛ وأَنشد:
  يا هَيْدَ مالَكَ مِنْ شَوْقٍ وإِيراقِ ... ومَرِّ طَيْفٍ على الأَهْوالِ طَرّاقِ
  ويروى: يا عِيدُ مالَكَ.
  وقال اللحياني: يقال لَقِيَه فقال له: هَيْدَ مالَك، ولقِيتُه فما قال لي: هَيْدَ ما لك.
  وقال شمر: هِيَد وهَيْدَ جائزان.
  قال الكسائي: يقال يا هَيْدَ ما لِصحابِك ويا هَيْدَ ما لأَصْحابِك.
  قال: وقال الأَصمعي: حكى لي عيسى بن عمر هَيْدَ مالك أَي ما أَمْرُكَ.
  ويقال: لو شَتَمَني ما قلتُ هَيْدَ مالَك.
  التهذيب: والعرب تقول: هَيْدَ مالك إِذا استفهموا الرجل عن شأْنه، كما تقول: يا هذا مالك.
  أَبو زيد: قالوا تقول: ما قال له هَيْدَ مالك فنصبوا وذلك أَن