لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 52 - الجزء 4

  الله عليه وسلم، يقول: ليس من امْبِرِّ امْصِيامُ في امْسَفَرِ؛ يريد: ليس من البر الصيام في السفر، فإِنه أَبدل لام المعرفة ميماً، وهو شاذ لا يسوغ؛ حكاه عنه ابن جني؛ قال: ويقال إِن النمر بن تولب لم يرو عن النبي، ، غير هذا الحديث؛ قال: ونظيره في الشذوذ ما قرأْته على أَبي عليّ بإِسناده إِلى الأَصمعي، قال: يقال بَناتُ مَخْرٍ وبَناتُ بَخْرٍ وهن سحائب يأْتين قَبْلَ الصيف بيضٌ مُنْتَصِباتٌ في السماء.

  وقال شمر في تفسير قوله، : عليكم بالصِّدْق فإِنه يَهْدي إِلى البِرِّ؛ اختلف العلماء في تفسير البر فقال بعضهم: البر الصلاح، وقال بعضهم: البر الخير.

  قال: ولا أَعلم تفسيراً أَجمع منه لأَنه يحيط بجميع ما قالوا؛ قال: وجعل لبيدٌ البِرَّ التُّقى حيث يقول:

  وما البِرُّ إِلا مُضْمَراتٌ مِنَ التُّقى

  قال: وأَما قول الشاعر:

  تُحَزُّ رؤُوسهم في غيرِ بِرّ

  معناه في غير طاعة وخير.

  وقوله ø: لَنْ تنالوا البِرَّ حتى تُنْفِقُوا مما تُحِبُّونَ؛ قال الزجاج: قال بعضهم كلُّ ما تقرّب به إِلى الله ø، من عمل خير، فهو إِنفاق.

  قال أَبو منصور: والبِرُّ خير الدنيا والآخرة، فخير الدنيا ما ييسره الله تبارك وتعالى للعبد من الهُدى والنِّعْمَةِ والخيراتِ، وخَيْرُ الآخِرَةِ الفَوْزُ بالنعيم الدائم في الجنة، جمع الله لنا بينهما بكرمه ورحمته.

  وبَرَّ يَبَرُّ إِذا صَلَحَ.

  وبَرَّ في يمينه يَبَرُّ إِذا صدقه ولم يَحْنَثْ.

  وبَرَّ رَحِمَه⁣(⁣١).

  يَبَرُّ إِذا وصله.

  ويقال: فلانٌ يَبَرُّ رَبَّه أَي يطيعه؛ ومنه قوله:

  يَبَرُّك الناسُ ويَفْجُرُونَكا

  ورجلٌ بَرٌّ بذي قرابته وبارٌّ من قوم بَرَرَةٍ وأَبْرَارٍ، والمصدر البِرُّ.

  وقال الله ø: لَيْسَ البِرِّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المشرق والمغرب ولكنَّ البِرَّ من آمن بالله؛ أَراد ولكن البِرَّ بِرُّ من آمن بالله؛ قول الشاعر:

  وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خِلالَتُه كأَبي مَرْحَبِ؟

  أَي كخِلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ.

  وتَبارُّوا، تفاعلوا: من البِرّ.

  وفي حديث الاعتكاف: أَلْبِرَّ تُرِدْنَ؛ أَي الطاعةَ والعبادَةَ.

  ومنه الحديث: ليس من البر الصيام في السفر.

  وفي كتاب قريش والأَنصار: وإِنَّ البِرَّ دون الإِثم أَي أَن الوفاء بما جعل على نفسه دون الغَدْر والنَّكْث.

  وبَرَّةُ: اسْمٌ عَلَمٌ بمعنى البِر، مَعْرِفَةٌ، فلذلك لم يصرف، لأَنه اجتمع فيه التعريف والتأْنيث، وسنذكره في فَجارِ؛ قال النابغة:

  إِنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْنَنا ... فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجارِ

  وقد بَرَّ رَبَّه.

  وبَرَّتْ يمينُه تَبَرُّ وتَبِرُّ بَرّاً وبِرّاً وبُرُوراً: صَدَقَتْ.

  وأَبَرَّها: أَمضاها على الصِّدْقِ والبَرُّ: الصادقُ.

  وفي التنزيل العزيز: إِنه هو البَرُّ الرحيمُ.

  والبَرُّ، من صفات الله تعالى وتقدس: العَطُوفُ الرحيم اللطيف الكريم.

  قال ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى البَرُّ دون البارِّ، وهو العَطُوف على عباده بِبِرَّه ولطفه.

  والبَرُّ والبارُّ بمعنًى، وإِنما جاء في أَسماء الله تعالى البَرُّ دون البارّ.

  وبُرَّ عملُه وبَرَّ بَرّاً وبُرُوراً وأَبَرَّ وأَبَرَّه الله؛ قال الفراء: بُرَّ حَجُّه، فإِذا قالوا: أَبَرَّ الله حَجَّك،


(١) قوله [وبرّ رحمه إلخ] بابه ضرب وعلم.