لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الباء الموحدة]

صفحة 53 - الجزء 4

  قالوه بالأَلف. الجوهري: وأَبَرَّ الله حَجَّك لغة في بَرَّ الله حَجَّك أَي قَبِلَه؛ قال: والبِرُّ في اليمين مثلُه.

  وقالوا في الدعاء: مَبْرُورٌ مَأْجُورٌ ومَبرُوراً مَأْجوراً؛ تميمٌ ترفع على إِضمار أَنتَ، وأَهلُ الحجاز ينصبون على اذْهَبْ مَبْرُوراً.

  شمر: الحج المَبْرُورُ الذي لا يخالطه شيء من المآثم، والبيعُ المبرورُ: الذي لا شُبهة فيه ولا كذب ولا خيانة.

  ويقال: بَرَّ فلانٌ ذا قرابته يَبَرُّ بِرّاً، وقد برَرْتُه أَبِرُّه، وبَرَّ حَجُّكَ يَبَرُّ بُرُوراً، وبَرَّ الحجُّ يَبِرُّ بِرّاً، بالكسر، وبَرَّ الله حَجَّه وبَرَّ حَجُّه.

  وفي حديث أَبي هريرة قال: قال رسولُ الله، : الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إِلا الجنةُ؛ قال سفيان: تفسير المبرور طِيبُ الكلام وإِطعام الطعام، وقيل: هو المقبولُ المقابَلُ بالبرِّ وهو الثواب؛ يقال: بَرَّ الله حَجَّه وأَبَرَّه بِرّاً، بالكسر، وإِبْرَاراً.

  وقال أَبو قِلابَةَ لرجل قَدِمَ من الحج: بُرَّ العملُ؛ أَرادَ عملَ الحج، دعا له أَن يكون مَبْرُوراً لا مَأْثَمَ فيه فيستوجب ذلك الخروجَ من الذنوب التي اقْتَرَفَها.

  وروي عن جابر بن عبد الله قال: قالوا: يا رسول الله، ما بِرُّ الحجِّ؟ قال: إِطعامُ الطعام وطِيبُ الكلامِ.

  ورجل بَرٌّ من قوم أَبرارٍ، وبارٌّ من قوم بَرَرَةٍ؛ وروي عن ابن عمر أَنه قال: إِنما سماهم الله أَبْراراً لأَنهم بَرُّوا الآباءَ والأَبناءَ.

  وقال: كما أَن لك على ولدك حقّاً كذلك لولدك عليك حق.

  وكان سفيان يقول: حقُّ الولدِ على والده أَن يحسن اسمه وأَن يزوّجه إِذا بلغ وأَن يُحِجَّه وأَن يحسن أَدبه.

  ويقال: قد تَبَرَّرْتَ في أَمرنا أَي تَحَرَّجْتَ؛ قال أَبو ذؤيب:

  فقالتْ: تَبَرَّرْتَ في جَنْبِنا ... وما كنتَ فينا حَدِيثاً بِبِرْ

  أَي تَحَرَّجْتَ في سَبْيِنا وقُرْبِنا.

  الأَحمَر: بَرَرْتُ قسَمي وبَرَرْتُ والدي؛ وغيرُه لا يقول هذا.

  وروي المنذري عن أَبي العباس في كتاب الفصيح: يقال صَدَقْتُ وبَرِرْتُ، وكذلك بَرَرْتُ والدي أَبِرُّه.

  وقال أَبو زيد: بَرَرْتُ في قسَمِي وأَبَرَّ الله قَسَمِي؛ وقال الأَعور الكلبي:

  سَقَيْناهم دِماءَهُمُ فَسالَتْ ... فأَبْرَرْنَا إِلَيْه مُقْسِمِينا

  وقال غيره: أَبَرَّ فلانٌ قَسَمَ فلان وأَحْنَثَه، فأَما أَبَرَّه فمعناه أَنه أَجابه إِلى ما أَقسم عليه، وأَحنثه إِذا لم يجبه.

  وفي الحديث: بَرَّ الله قَسَمَه وأَبَرَّه بِرّاً، بالكسر، وإِبراراً أَي صدقه؛ ومنه حديث أَبي بكر: لم يَخْرُجْ من إِلٍّ ولا بِرٍّ أَي صِدْقٍ؛ ومنه الحديث: أَبو إِسحق: أُمِرْنا بِسَبْعٍ منها إِبرارُ القَسَمِ.

  أَبو سعيد: بَرَّتْ سِلْعَتُه إِذا نَفَقَتْ، قال والأَصل في ذلك أَن تُكافئه السِّلْعَةُ بما حَفِظها وقام عليها، تكافئه بالغلاء في الثمن؛ وهو من قول الأَعشى يصف خمراً:

  تَخَيَّرَها أَخو عاناتَ شَهْراً ... ورَجَى بِرَّها عاماً فعاما

  والبِرُّ: ضِدُّ العُقُوقُ، والمَبَرَّةُ مثله.

  وبَرِرْتُ والدي، بالكسر، أَبَرُّه بِرّاً وقد بَرَّ والدَه يَبَرُّه ويَبِرُّه بِرّاً، فَيَبَرُّ على بَرِرْتُ ويَبِرُّ على بَرَرْتُ على حَدِّ ما تقدَّم في اليمين؛ وهو بَرٌّ به وبارٌّ؛ عن كراع، وأَنكر بعضهم بارٌّ.

  وفي الحديث: تَمَسَّحُوا بالأَرضِ فإِنها بَرَّةٌ بكم أَي تكون بيوتكم عليها وتُدْفَنُون فيها.

  قال ابن الأَثير: قوله فإنها بكم برة أي مشفقة عليكم كالوالدة البَرَّة بأَولادها يعني أَن منها خلقكم وفيها معاشكم وإِليها بعد الموت معادكم؛