[فصل الدال المهملة]
  كان رجلاً من العجم يدور في مخاليف اليمن يعمل لهم، فإِذا كَسَدَ عَمَلُه قال بالفارسية: دُه بَدْرُودْ، كأَنه يودِّع القرية، أَي أَنا خارج غداً، وإِنما يقول ذلك ليُسْتَعْمَلَ، فعرّبته العرب وضربوا به المثل في الكذب.
  وقالوا: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْن فإِنه مُصَبِّحٌ؛ قال ابن بري: والصحيح في هذا المثل ما رواه الأَصمعي وهو: دُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ، من غير واو عطف وكون دُهْدُرَّيْنِ متصلاً غير منفصل، قال أَبو عليّ: هو تثنية دُهْدُرٍّ وهو الباطل، ومثله الدُّهْدُنُّ في اسم الباطل أَيضاً فجعله عربيّاً، قال: والحقيقة فيه أَنه اسم لِبَطَلَ كَسَرْعانَ وهَيهاتَ اسم لِسَرُعَ وبَعُدَ، وسَعْدُ فاعل به والقَيْنُ نَعْتُه، وحذف التنوين منه لالتقاء الساكنين، ويكون على حذف مضاف تأْويله بطل قول سَعْدِ القَيْنِ، ويكون المعنى على ما فسره أَبو عليّ: أَن سَعْدَ القَيْنَ كان من عادته أَن ينزل في الحيّ فيُشِيع أَنه غير مقيم، وأَنه في هذه الليلة يَسْرِي غَيْرَ مُصَبِّحٍ ليبادر إِليه من عنده ما يعمله ويصلحه له، فقالت العرب: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْنِ فإِنه مُصَبِّح؛ ورواه أَبو عبيدة معمر بن المثنى: دُهْدُرَّينِ سَعْدَ القَيْنَ، ينصب سعد، وذكر أَن دُهْدُرَّيْنِ منصوب على إِضمار فعل، وظاهر كلامه يقضي أَن دُهْدْرَّين اسم للباطل تثنية دُهْدُرٍّ ولم يجعله اسماً للفعل كما جعله أَبو علي، فكأَنه قال: اطرحوا الباطل وسَعْدَ القَيْنَ فليس قوله بصحيح، قال: وقد رواه قوم كما رواه الجوهري منفصلاً فقالوا دُه دُرَّيْنِ وفسر بأَن دُه فعل أَمر من الدَّهاءِ إِلَّا أَنه قدّمت الواو التي هي لامه إِلى موضع عينه فصار دُوه، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار دُه كما فعلت في قُلْ، ودُرَّيْنِ من دَرَّ يَدِرُّ إِذا تتابع، ويراد ههنا بالتثنية التكرار، كما قالوا لَبَّيْك وحَنَانَيْكَ ودَوَالَيْكَ، ويكون سَعْدُ القَيْنُ منادى مفرداً والقين نعته، فيكون المعنى: بالغْ في الدَّهاء والكذب يا سَعْدُ القَيْنُ؛ قال ابن بري: وهذا القول حسن إِلَّا أَنه كان يجب أَن تفتح الدال من دُرَّين لأَنه جعله من دَرَّ يَدِرُّ إِذا تتابع، قال: وقد يمكن أَن يقول إِن الدال ضمت للإِتباع إِتباعاً لضمة الدال من دُه، والله تعالى أَعلم.
  دزر: ابن الأَعرابي: الدَّزْرُ الدفع؛ يقال: دَزَرَه ودَسَرَه ودفعه بمعنى واحد.
  دسر: الدَّسْرُ: الطعن والدَّفْعُ الشديد، يقال: دَسَرَه بالرمح؛ قال الشاعر:
  عن ذي قَدَامِيسَ كَهامٍ قد دَسَرْ
  وفي حديث عمر، ¥: إِن أَخوف ما أَخاف عليكم أَن يؤخذ الرجل المسلم البريء عند الله فَيُدْسَرَ كما يُدْسَرُ الجَزُورُ؛ الدَّسْرُ: الدفع، أَي يُدْفَعَ ويُكَبَّ للقتل ما يفعل بالجزور عند النحر، وفي حديث الحجاج أَنه قال لسِنان بن يزيد النخعي: كيف قتلت الحسين؟ قال: دَسَرْتُه بالرمح دَسْراً وهَبَرْتُه بالسيف هَبْراً أَي دَفَعْتُه دَفْعاً عنيفاً، فقال له الحجاج: أَما والله لا تجتمعان في الجنة أَبداً.
  ابن سيده: دَسَرَه يَدْسُرُه دَسْراً طعنه ودفعه.
  والدَّسْرُ أَيضاً في البُضْعِ، يقال: دَسَرَها بأَيرِه.
  ودَسَرَت السفينةُ الماءَ بصدرها: عاندته، والدِّسارُ: خيط من ليف يشدّ به أَلواحها، وقيل: هو مسمارها، والجمع دُسُرٌ.
  وفي التنزيل العزيز: وحملناه على ذات أَلواح ودُسُرٍ، ودُسْرٍ أَيضاً عُسُرٍ وعُسْرٍ؛ وقال بشر: