لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل السين المهملة]

صفحة 349 - الجزء 4

  وقادَ إِليها الحُبَّ، فانْقادَ صَعْبُه ... بِحُبٍّ من السِّحْرِ الحَلالِ التَّحَبُّبِ

  يريد أَن غلبة حبها كالسحر وليس به لأَنه حب حلال، والحلال لا يكون سحراً لأَن السحر كالخداع؛ قال شمر: وأَقرأَني ابن الأَعرابي للنابغة:

  فَقالَتْ: يَمِينُ الله أَفْعَلُ إِنَّنِي ... رأَيتُك مَسْحُوراً، يَمِينُك فاجِرَه

  قال: مسحوراً ذاهِبَ العقل مُفْسَداً.

  قال ابن سيده: وأَما قوله، : من تَعَلَّمَ باباً من النجوم فقد تعلم باباً من السحر؛ فقد يكون على المعنى أَوَّل أَي أَن علم النجوم محرّم التعلم، وهو كفر، كما أَن علم السحر كذلك، وقد يكون على المعنى الثاني أَي أَنه فطنة وحكمة، وذلك ما أُدرك منه بطريق الحساب كالكسوف ونحوه، وبهذا علل الدينوري هذا الحديث.

  والسَّحْرُ والسحّارة: شيء يلعب به الصبيان إِذ مُدّ من جانب خرج على لون، وإِذا مُدَّ من جانب آخر خرج على لون آخر مخالف، وكل ما أَشبه ذلك: سَحَّارةٌ.

  وسَحَرَه بالطعامِ والشراب يَسْحَرُه سَحْراً وسَحَّرَه: غذَّاه وعَلَّلَه، وقيل: خَدَعَه.

  والسِّحْرُ: الغِذاءُ؛ قال امرؤ القيس:

  أُرانا مُوضِعِينَ لأَمْرِ غَيْبٍ ... ونُسْحَرُ بالطَّعامِ وبالشَّرابِ

  عَصافِيرٌ وذِبَّانٌ ودُودٌ ... وأَجْرَأُ مِنْ مُجَلِّجَةِ الذِّئَابِ

  أَي نُغَذَّى أَو نُخْدَعْ.

  قال ابن بري: وقوله مُوضِعين أَي مسرعين، وقوله: لأَمْرِ غَيْبٍ يريد الموت وأَنه قد غُيِّبَ عنا وَقْتُه ونحن نُلْهَى عنه بالطعام والشراب.

  والسِّحْرُ: الخديعة؛ وقول لبيد:

  فَإِنْ تَسْأَلِينَا: فِيمَ نحْنُ؟ فإِنَّنا ... عَصافيرُ من هذا الأَنَامِ المُسَحَّرِ

  يكون على الوجهين.

  وقوله تعالى: إِنما أَنتَ من المُسَحَّرِين؛ يكون من التغذية والخديعة.

  وقال الفراء: إِنما أَنت من المسحرين، قالوا لنبي الله: لست بِمَلَكٍ إِنما أَنت بشر مثلنا.

  قال: والمُسَحَّرُ المُجَوَّفُ كأَنه، والله أَعلم، أُخذ من قولك انتفخ سَحْرُكَ أَي أَنك تأْكل الطعام والشراب فَتُعَلَّلُ به، وقيل: من المسحرين أَي ممن سُحِرَ مرة بعد مرة.

  وحكى الأَزهري عن بعض أَهل اللغة في قوله تعالى: أَن تتبعون إِلا رجلاً مسحوراً، قولين: أَحدهما إِنه ذو سَحَرٍ مثلنا، والثاني إِنه سُحِرَ وأُزيل عن حد الاستواء.

  وقوله تعالى: يا أَيها السَّاحِرُ ادْعُ لنا ربك بما عَهِدَ عندك إِننا لمهتدون؛ يقول القائل: كيف قالوا لموسى يا أَيها الساحر وهم يزعمون أَنهم مهتدون؟ والجواب في ذلك أَن الساحر عندهم كان نعتاً محموداً، والسِّحْرُ كان علماً مرغوباً فيه، فقالوا له يا أَيها الساحر على جهة التعظيم له، وخاطبوه بما تقدم له عندهم من التسمية بالساحر، إِذ جاء بالمعجزات التي لم يعهدوا مثلها، ولم يكن السحر عندهم كفراً ولا كان مما يتعايرون به، ولذلك قالوا له يا أَيها الساحر.

  والساحرُ: العالِمُ.

  والسِّحْرُ: الفسادُ.

  وطعامٌ مسحورٌ إِذا أُفْسِدَ عَمَلُه، وقيل: طعام مسحور مفسود؛ عن ثعلب.

  قال ابن سيده: هكذا حكاه مفسود لا أَدري أَهو على طرح الزائد أَم فَسَدْتُه لغة أَم هو خطأٌ.

  ونَبْتٌ مَسْحور: مفسود؛ هكذا حكاه أَيضاً الأَزهري.

  أَرض مسحورة: أَصابها من المطر أَكثرُ مما ينبغي فأَفسدها.

  وغَيْثٌ ذو سِحْرٍ إِذا كان ماؤه أَكثر مما ينبغي.

  وسَحَرَ