لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل السين المهملة]

صفحة 348 - الجزء 4

  إِنَّ الكُلابَ ماؤُنا فَخَلُّوه ... وساجِراً والله لَنْ تَحُلَّوه

  قال ابن بري: ساجراً اسم ماء يجتمع من السيل.

  سجهر: المُسْجَهِرُّ: الأَبيض؛ قال لبيد:

  وناجِيَةٍ أَعْمَلْتُها وابتَذَلْتُها ... إِذا ما اسْجَهَرَّ الآلُ في كلِّ سَبْسَبِ

  واسْجَهَرَّتِ النارُ: اتقدت والتهبت؛ قال عديّ:

  ومَجُودٍ قَدِ اسْجَهَرَّ تَناوِيرَ ... كَلَوْنِ العُهُونِ في الأَعْلاقِ

  قال أَبو حنيفة: اسْجَهَرَّ هنا تَوَقَّدَ حُسْناً بأَلْوانِ الزَّهْرِ.

  وقال ابن الأَعرابي: اسْجَهَرَّ ظهر وانْبَسَطَ.

  واسْجَهَرَّ السرابُ إِذا تَريَّه وجَرَى، وأَنشد بيت لبيد.

  وسحابَةٌ مُسْجَهِرَّةٌ: يَتَرَقْرَقُ فيها الماءُ.

  واسْجَهَرَّتِ الرِّماحُ إِذا أَقْبَلَتْ إِليك.

  واسْجَهَرَّ الليلُ: طال.

  واسْجَهَرَّ البِناءُ إِذا طال.

  سحر: الأَزهري: السِّحْرُ عَمَلٌ تُقُرِّبَ فيه إِلى الشيطان وبمعونة منه، كل ذلك الأَمر كينونة للسحر، ومن السحر الأُخْذَةُ التي تأْخُذُ العينَ حتى يُظَنَّ أَن الأَمْرَ كما يُرَى وليس الأَصل على ما يُرى؛ والسِّحْرُ: الأُخْذَةُ.

  وكلُّ ما لَطُفَ مَأْخَذُه ودَقَّ، فهو سِحْرٌ، والجمع أَسحارٌ وسُحُورٌ، وسَحَرَه يَسْحَرُه سَحْراً وسِحْراً وسَحَّرَه، ورجلٌ ساحِرٌ من قوم سَحَرَةٍ وسُحَّارٍ، وسَحَّارٌ من قوم سَحَّارِينَ، ولا يُكَسَّرُ؛ والسِّحْرُ: البيانُ في فِطْنَةٍ، كما جاء في الحديث: إِن قيس بن عاصم المِنْقَرِيَّ والزَّبْرِقانَ بنَ بَدْرٍ وعَمْرَو بنَ الأَهْتَمِ قدموا على النبي، ، فسأَل النبيُّ، ، عَمْراً عن الزِّبْرِقانِ فأَثنى عليه خيراً فلم يرض الزبرقانُ بذلك، وقال: والله يا رسول الله، ، إِنه ليعلم أَنني أَفضل مما قال ولكنه حَسَدَ مكاني منك؛ فَأَثْنَى عليه عَمْرٌو شرّاً ثم قال: والله ما كذبت عليه في الأُولى ولا في الآخرة ولكنه أَرضاني فقلتُ بالرِّضا ثم أَسْخَطَنِي فقلتُ بالسَّخْطِ، فقال رسول الله، : إِن من البيان لَسِحْراً؛ قال أَبو عبيد: كأَنَّ المعنى، والله أَعلم، أَنه يَبْلُغُ من ثنائه أَنه يَمْدَحُ الإِنسانَ فَيَصْدُقُ فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إِلى قوله ثم يَذُمُّه فَيَصْدُق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قوله الآخر، فكأَنه قد سَحَرَ السامعين بذلك؛ وقال أَن الأَثير: يعني إِن من البيان لسحراً أَي منه ما يصرف قلوب السامعين وإِن كان غير حق، وقيل: معناه إِن من البيان ما يَكْسِبُ من الإِثم ما يكتسبه الساحر بسحره فيكون في معرض الذمّ، ويجوز اين يكون في معرض المدح لأَنه تُسْتَمالُ به القلوبُ ويَرْضَى به الساخطُ ويُسْتَنْزَلُ به الصَّعْبُ.

  قال الأَزهري: وأَصل السِّحْرِ صَرْفُ الشيء عن حقيقته إِلى غيره فكأَنَّ الساحر لما أَرَى الباطلَ في صورة الحق وخَيَّلَ الشيءَ على غير حقيقته، قد سحر الشيء عن وجهه أَي صرفه.

  وقال الفراء في قوله تعالى: فَأَنَّى تُسْحَرُون؛ معناه فَأَنَّى تُصْرَفون؛ ومثله: فأَنى تؤْفكون؛ أُفِكَ وسُحِرَ سواء.

  وقال يونس: تقول العرب للرجل ما سَحَرَك عن وجه كذا وكذا أَي ما صرفك عنه؟ وما سَحَرَك عنا سَحْراً أَي ما صرفك؟ عن كراع، والمعروف: ما شَجَرَك شَجْراً.

  وروى شمر عن ابن عائشة⁣(⁣١).

  قال: العرب إِنما سمت السِّحْرَ سِحْراً لأَنه يزيل الصحة إِلى المرض، وإِنما يقال سَحَرَه أَي أَزاله عن البغض إِلى الحب؛ وقال الكميت:


(١) قوله: [ابن عائشة] كذا بالأَصل وفي شرح القاموس: ابن أبي عائشة.