لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الثاء المثلثة]

صفحة 235 - الجزء 1

  كالأَثارِبِ أَي إذا تَفَرَّقَت وخَصَّت مَوْضِعاً دون موضع عند المَغِيب.

  شَبَّهها بالثُّرُوبِ، وهي الشحْمُ الرَّقيق الذي يُغَشّي الكَرِشَ والأَمْعاءَ الواحد ثَرْبٌ وجمعها في القلة: أَثْرُبٌ؛ والأَثارِبُ: جمع الجمع.

  وفي الحديث: انَّ المُنافِقَ يؤَخِّر العَصْرَ حتى إذا صارَتِ الشمسُ كَثَرْبِ البَقَرة صلَّاها.

  والثَرَباتُ: الأَصابعُ.

  والتَّثْريبُ كالتَّأْنيب والتَّعْيِيرِ والاسْتِقْصاءِ في اللَّوْمِ.

  والثَّارِبُ: المُوَبِّخُ.

  يقال ثَرَبَ وثَرَّب وأَثْرَبَ إذا وَبَّخَ.

  قال نُصَيْبٌ:

  إني لأَكْرَه ما كَرِهْتَ مِنَ الَّذي ... يُؤْذِيكَ سُوء ثَنائِه لم يَثْرِبِ

  وقال في أَثْرَبَ:

  أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً، مِنْ تِلادِه ... سَوامُ أَخٍ، داني الوسِيطةِ، مُثْرِبِ

  قال: مُثْرِبٌ قَلِيلُ العَطاءِ، وهو الذي يَمُنُّ بما أَعْطَى.

  وثَرَّبَ عليه: لامَه وعَيَّره بذَنْبه، وذكَّرَه به.

  وفي التنزيل العزيز قال: لا تَثْرِيبَ عليكم اليَوْمَ.

  قال الزجاج: معناه لا إفسادَ عليكم.

  وقال ثعلب: معناه لا تُذْكَرُ ذنُوبُكم.

  قال الجوهريّ: وهو من الثَّرْبِ كالشَّغْفِ من الشِّغاف.

  قال بِشْر، وقيل هو لتُبَّعٍ:

  فَعَفَوْتُ عَنْهُم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرِّبٍ ... وتَرَكْتُهُم لعِقابِ يَوْمٍ سَرْمَدِ

  وثَرَّبْتُ عليهم وعَرَّبْتُ عليهم، بمعنى، إذا قَبَّحْتَ عليهم فعْلَهم.

  والمُثَرِّبُ: المُعَيِّرُ، وقيل: المُخَلِّطُ المُفْسِدُ.

  والتَّثْرِيبُ: الإِفْسادُ والتَخْلِيطُ.

  وفي الحديث: إذا زَنَتْ أَمَةُ أَحدِكم فَلْيَضْرِبْها الحَدَّ ولا يُثَرِّبْ؛ قال الأَزهري: معناه ولا يُبَكِّتْها ولا يُقَرِّعْها بعد الضَّرْبِ.

  والتقْريعُ: أَن يقول الرجل في وَجه الرجْل عَيْبَه، فيقول: فَعَلْتَ كذا وكذا.

  والتَّبْكِيتُ قَرِيبٌ منه.

  وقال ابن الأَثير: أَي لا يُوَبِّخْها ولا يُقَرِّعْها بالزّنا بعد الضرب.

  وقيل: أَراد لا يَقْنَعْ في عُقُوبتها بالتثرِيبِ بل يضرِبُها الحدّ، فإنّ زنا الإِماء لم يكن عند العرب مَكْروهاً ولا مُنْكَراً، فأَمَرَهم بحَدّ الإماء كما أَمَرَهم بجدّ الحَرائر.

  ويَثْرِبُ: مدينة سيدنا رسولِ اللَّه، ، والنَّسَبُ إليها يَثْرَبِيٌّ ويَثْرِبِيٌّ وأَثْرَبِيٌّ وأَثرِبِيٌّ، فتحوا الراء استثقالاً لتوالي الكسرات.

  وروى عن النبي، ، أَنه نَهى أَن يقالَ للمدينة يَثْرِبُ، وسماها طَيْبةَ، كَأنه كَرِه الثَرْبَ، لأَنه فَسادٌ في كلام العرب.

  قال ابن الأَثير: يَثْرِبُ اسم مدينة النبي، ، قديمة، فغَيَّرها وسماها طَيْبةَ وطابةَ كَراهِيةَ التَّثْرِيبِ، وهو اللَّوْمُ والتَعْيير.

  وقيل: هو اسم أَرضِها؛ وقيل: سميت باسم رجل من العَمالِقة.

  ونَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وأَثْرِبِيٌّ، مَنْسوب إلى يَثْربَ.

  وقوله:

  وما هو إلَّا اليَثْرِبِيُّ المُقَطَّعُ

  زعَم بعضُ الرُّواة أَن المراد باليثربي السَّهْمُ لا النَّصْلُ، وأَن يَثْرِبَ لا يُعْمَلُ فيها النِّصالُ.

  قال أَبو حنيفة: وليس كذلك لأَنّ النِّصالَ تُعملُ بِيَثْرِبَ وبوادي القُرى وبالرَّقَمِ وبغَيْرِهِنَّ من