لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الثاء المثلثة]

صفحة 246 - الجزء 1

  وقال أَبو العباس: الثِّيابُ اللِّباسُ، ويقال للقَلْبِ.

  وقال الفرَّاءُ: وثِيابَك فَطَهِّرْ: أَي لا تكن غادِراً فَتُدَنِّسَ ثِيابَك، فإِنَّ الغادِرَ دَنِسُ الثِّيابِ، ويقال: وثِيابَك فطَهِّرْ.

  يقول: عَمَلَكَ فأَصْلِحْ.

  ويقال: وثِيابَكَ فطهر أَي قَصِّرْ، فإن تَقْصِيرها طُهْرٌ.

  وقيل: نَفْسَكَ فطَهِّر، والعرب تَكْني بالثِّيابِ عن النَفْسِ، وقال:

  فَسُلِّي ثيابي عن ثِيابِكِ تَنْسَلِي

  وفلان دَنِسُ الثِّيابِ إذا كان خَبيثَ الفِعْل والمَذْهَبِ خَبِيثَ العِرْض.

  قال امْرُؤُ القَيْس:

  ثِيابُ بَني عَوْفٍ طَهارَى، نَقِيّةٌ ... وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسافِرِ، غُرّانُ

  وقال:

  رَمَوْها بأَثْوابٍ خِفافٍ، ولا تَرَى ... لها شَبَهاً، الا النَّعامَ المُنَفَّرا

  رَمَوْها يعني الرّكابَ بِأَبْدانِهِم.

  ومثله قول الراعي:

  فقامَ إليها حَبْتَرٌ بِسلاحِه ... وللَّه ثَوْبا حَبْتَرٍ أَيّما فَتَى

  يريد ما اشْتَمَل عليه ثَوْبا حَبْتَرٍ من بَدَنِه.

  وفي حديث الخُدْرِيِّ لَمَّا حَضَره المَوتُ دَعا بِثيابٍ جُدُدٍ، فَلَبِسَها ثم ذكر عن النبي، ، أَنه قال: إن المَيّتَ يُبْعَثُ في ثِيابِه التي يَموتُ فيها.

  قال الخطابي: أَما أَبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهره، وقد رُوي في تحسين الكَفَنِ أَحاديثُ.

  قال: وقد تأَوّله بعضُ العلماء على المعنى وأَراد به الحالةَ التي يَمُوت عليها من الخَير والشرّ وعَمَلَه الذي يُخْتَم له به.

  يقال فلان طاهِرُ الثيابِ إذا وَصَفُوه بِطَهارةِ النَّفْسِ والبَراءةِ من العَيْبِ.

  ومنه قوله تعالى: وثِيابَكَ فَطَهِّرْ.

  وفلان دَنِسُ الثّياب إذا كان خَبِيثَ الفعل والمَذْهبِ.

  قال: وهذا كالحديث الآَخَر: يُبْعَثُ العَبْدُ على ما مات عليه.

  قال الهَروِيُّ: وليس قَولُ من ذَهَبَ به إلى الأَكْفانِ بشيءٍ لأَنَّ الإِنسان إنما يُكَفَّنُ بعد الموت.

  وفي الحديث: مَن لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرةٍ أَلْبَسَه اللَّه تعالى ثَوْبَ مَذَلَّةٍ؛ أَي يَشْمَلُه بالذلِّ كما يشملُ الثوبُ البَدَنَ بأَنْ يُصَغِّرَه في العُيون ويُحَقِّرَه في القُلوب.

  والشهرة: ظُهور الشيء في شُنْعة حتى يُشْهِره الناسُ.

  وفي الحديث: المُتَشَبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ.

  قال ابن الأَثير: المُشْكِلُ من هذا الحديث تثنية الثوب.

  قال الأَزهريّ: معناه أَن الرجل يَجعَلُ لقَميصِه كُمِّيْنِ أَحدُهما فوق الآخر لِيُرَى أَن عليه قَميصَين وهما واحد، وهذا إنما يكونُ فيه أَحدُ الثَوْبَيْن زُوراً لا الثَوْبانِ.

  وقيل معناه أَن العرب أَكثر ما كانت تَلْبَسُ عند الجِدَّةِ والمَقْدُرةٍ إزاراً ورداءً، ولهذا حين سُئل النبي، ، عن الصلاة في الثوب الواحد قال: أَوكُلُّكُم يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟ وفسره عمر، ¥، بإزارٍ ورِداء، وإزار وقميص، وغير ذلك.

  وروي عن إسحاق بن راهُويه قال: سأَلتُ أَبا الغَمْرِ الأَعرابيَّ، وهو ابنُ ابنةِ ذي الرُّمة، عن تفسير ذلك، فقال: كانت العربُ إذا اجتَمَعوا في المحافِلِ كانت لهم جماعةٌ يَلْبَسُ أَحدُهم ثوبين حَسَنَيْن.

  فإن احتاجوا إلى شَهادةٍ شَهِدَ لهم بِزُور، فيُمْضُون شَهادتَه بثَوْبَيْه، فيقولون: ما أَحْسَنَ