لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الثاء المثلثة]

صفحة 247 - الجزء 1

  ثِيابَه، وما أَحسنَ هَيْئَتَه، فَيُجيزون شهادته لذلك.

  قال: والأَحسن أَن يقال فيه إنَّ المتشبّعَ بما لم يُعْطَ هو الذي يقول أُعْطِيتُ كذا لشيءٍ لم يُعْطَه، فأَمّا أَنه يَتَّصِفُ بصِفاتٍ ليست فيه، يريدُ أَنَّ اللَّه تعالى منَحَه إيّاها، أَو يُريد أَنّ بعضَ الناسِ وصَلَه بشيءٍ خَصَّه به، فيكون بهذا القول قد جمع بين كذبين أَحدهما اتّصافُه بما ليس فيه، أَو أَخْذُه ما لم يأْخُذْه، والآخَر الكَذِبُ على المُعْطِي، وهو اللَّه، أَو الناسُ.

  وأَراد بثوبي زُورٍ هذين الحالَيْن اللَّذَيْنِ ارْتَكَبَهما، واتَّصفَ بهما، وقد سبق أَن الثوبَ يُطلق على الصفة المحمودة والمذمومة، وحينئذ يصح التشبيه في التثنية لإِنه شَبَّه اثنين باثنين، واللَّه أَعلم.

  ويقال: ثَوَّبَ الدَّاعِي تَثْوِيباً إذا عاد مرَّة بعد أُخرى.

  ومنه تَثْوِيبُ المؤذّن إذا نادَى بالأَذانِ للناس إلى الصلاة ثم نادَى بعد التأْذين، فقال: الصلاةَ، رَحمكم اللَّه، الصلاةَ، يَدْعُو إليها عَوْداً بعد بَدْء.

  والتَّثْوِيبُ: هو الدُّعاء للصلاة وغيرها، وأَصله أَنَّ الرجلَ إذا جاءَ مُسْتَصْرِخاً لوَّحَ بثوبه لِيُرَى ويَشْتَهِر، فكان ذلك كالدُّعاء، فسُمي الدعاء تثويباً لذلك، وكلُّ داعٍ مُثَوِّبٌ.

  وقيل: إنما سُمِّي الدُّعاء تَثْوِيباً من ثاب يَثُوبُ إذا رجَع، فهو رُجُوعٌ إلى الأَمر بالمُبادرة إلى الصلاة، فإنّ المؤَذِّن إذا قال: حَيَّ على الصلاة، فقد دَعاهم إليها، فإذا قال بعد ذلك: الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم، فقد رجَع إلى كلام معناه المبادرةُ إليها.

  وفي حديث بِلال: أَمرَني رسولُ اللَّه، ، أَنْ لا أُثَوِّبَ في شيءٍ من الصلاةِ، إلَّا في صلاةِ الفجر، وهو قوله: الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم، مرتين.

  وقيل: التَّثْويبُ تثنية الدعاء.

  وقيل: التثويب في أَذان الفجر أَن يقول المؤَذِّن بعد قوله حيّ على الفلاح: الصلاةُ خير من النَّوْم، يقولها مرتين، كما يُثوِّب بين الأَذانين: الصلاةَ، رحمكم اللَّه، الصلاةَ.

  وأَصلُ هذا كلِّه من تَثْوِيب الدعاء مرة بعدَ أخرى.

  وقيل: التَّثوِيبُ الصلاةُ بعدَ الفَريضة.

  يقال: تَثَوَّبت أَي تَطَوَّعْت بعد المكتُوبة، ولا يكون التَّثْوِيبُ إلا بعد المكتوبة، وهو العود للصلاة بعد الصلاة.

  وفي الحديث: إذا ثُوِّبَ بالصلاة فأْتُوها وعليكم السَّكِينةُ والوَقارُ.

  قال ابن الأَثير: التَّثْويبُ ههنا إقامةُ الصلاة.

  وفي حديث أُم سلمة أَنها قالت لعائشة، ^، حين أَرادت الخُروجَ إلى البصرة: إنَّ عَمُودَ الدِّين لا يُثابُ بالنساءِ إنْ مالَ.

  تريد: لا يُعادُ إلى اسْتِوائه، من ثابَ يَثُوبُ إذا رجَع.

  ويقال: ذَهَبَ مالُ فلانٍ فاسْتَثابَ مالاً أَي اسْتَرْجَع مالاً.

  وقال الكميت:

  إنّ العَشِيرةَ تَسْتَثِيبُ بمالِه ... فتُغِيرُ، وهْوَ مُوَفِّرٌ أَمْوالَها

  وقولهم في المثلِ هو أَطْوَعُ من ثَوابٍ: هو اسم رجل كان يُوصَفُ بالطَّواعِيةِ.

  قال الأَخفش بن شهاب:

  وكنتُ، الدَّهْرَ، لَسْتُ أُطِيع أُنْثَى ... فَصِرْتُ اليومَ أَطْوَعَ مِن ثَوابِ

  التهذيب: في النوادر أَثَبْتُ الثَّوْبَ إثابةً إذا كَفَفْتَ مَخايِطَه، ومَلَلْتُه: خِطْتُه الخِياطَة الأُولى بغير كَفٍّ.

  والثائبُ: الرّيحُ الشديدةُ تكونُ في أَوّلِ المَطَر.

  وثَوْبانُ: اسم رجل.