فصل الغين المعجمة
  قال مالك بن زُغْبة الباهِليّ يصِف امرأَة قد كبِرت وشاب رأْسها تؤمِّل بنيها أَن يأْتوها بالغنيمة وقد قُتِلوا:
  ونَهْدِيَّةٍ شَمْطاءَ أَو حارِثِيَّةٍ ... تُؤَمِّل نَهْباً مِنْ بَنِيها يَغِيرُها
  أَي يأْتِيها بالغَنيمة فقد قُتِلوا؛ وقول بعض الأَغفال:
  ما زِلْتُ في مَنْكَظَةٍ وسَيْرِ ... لِصِبْيَةٍ أَغِيرُهم بِغَيْرِ
  قد يجوز أَن يكون أَراد أَغِيرُهم بِغَيرٍ، فغيَّر للقافية، وقد يكون غَيْر مصدر غارَهُم إِذا مارَهُم.
  وذهب فلان يَغيرُ أَهله أَي يَمِيرهم.
  وغارَه يَغِيره غَيْراً: وَداه؛ أَبو عبيدة: غارَني الرجل يَغُورُني ويَغيرُني إِذا وَداك، من الدِّيَة.
  وغارَه من أَخيه يَغِيره ويَغُوره غَيْراً: أَعطاه الدية، والاسم منها الغِيرة، بالكسر، والجمع غِيَر؛ وقيل: الغِيَرُ اسم واحد مذكَّر، والجمع أَغْيار.
  وفي الحديث: أَن النبي، ﷺ، قال لرجل طلَب القَوَد بِوَليٍّ له قُتِلَ: أَلا تَقْبَل الغِيَر؟ وفي رواية أَلا الغِيَرَ تُرِيدُ؟ الغَيَرُ: الدية، وجمعه أَغْيار مثل ضِلَع وأَضْلاع.
  قال أَبو عمرو: الغِيَرُ جمع غِيرةٍ وهي الدِّيَةُ؛ قال بعض بني عُذْرة:
  لَنَجْدَعَنَّ بأَيدِينا أُنُوفَكُمُ ... بَنِي أُمَيْمَةَ، إِنْ لم تَقْبَلُوا الغِيَرَا(١)
  وقال بعضهم: إِنه واحد وجمعه أَغْيار.
  وغَيَّرَه إِذا أَعطاه الدية، وأَصلها من المُغايَرة وهي المُبادَلة لأَنها بدَل من القتل؛ قال أَبو عبيدة: وإِنما سمّى الدِّية غِيَراً فيما أَرى لأَنه كان يجب القَوَد فغُيّر القَوَد ديةً، فسمّيت الدية غِيَراً، وأَصله من التَّغْيير؛ وقال أَبو بكر: سميت الدية غِيَراً لأَنها غُيِّرت عن القَوَد إِلى غيره؛ رواه ابن السكِّيت في الواو والياء.
  وفي حديث مُحَلِّم(٢).
  بن جثَّامة: إني لم أَجد لِمَا فعَل هذا في غُرَّة الإِسلام مثلًا إِلا غَنَماً وردَتْ فَرُمِيَ أَوَّلُها فنَفَرَ آخرُها: اسْنُن اليومَ وغَيِّر غداً؛ معناه أَن مثَل مُحَلِّمٍ في قتْله الرجلَ وطلَبِه أَن لا يُقْتَصَّ منه وتُؤخذَ منه الدِّية، والوقتُ أَول الإِسلام وصدرُه، كمَثل هذه الغَنَم النافِرة؛ يعني إِنْ جَرى الأَمر مع أَوْلِياء هذا القتيل على ما يُريد مُحَلِّم ثَبَّطَ الناسَ عن الدخول في الإِسلام معرفتُهم أَن القَوَد يُغَيَّر بالدِّية، والعرب خصوصاً، وهمُ الحُرَّاص على دَرْك الأَوْتار، وفيهم الأَنَفَة من قبول الديات، ثم حَثَّ رسولَ الله، ﷺ، على الإِقادة منه بقوله: اسْنُن اليوم وغَيِّرْ غداً؛ يريد: إِنْ لم تقتَصَّ منه غَيَّرْت سُنَّتَك، ولكنَّه أَخرج الكلام على الوجه الذي يُهَيّج المخاطَب ويحثُّه على الإِقْدام والجُرْأَة على المطلوب منه.
  ومنه حديث ابن مسعود: قال لعمر، ®، في رجل قتل امرأَة ولها أَولياء فعَفَا بعضهم وأَراد عمر، ¥، أَن يُقِيدَ لمن لم يَعْفُ، فقال له: لو غَيَّرت بالدية كان في ذلك وفاءٌ لهذا الذي لم يَعْفُ وكنتَ قد أَتممت لِلْعافي عَفْوَه، فقال عمر، ¥: كَنِيفٌ مُلئ عِلْماً؛ الجوهري: الغِيَرُ الاسم من قولك غَيَّرت الشيء فتَغَيَّر.
  والغَيْرة، بالفتح، المصدر من قولك غار الرجل على أَهْلِه.
  قال ابن سيده: وغار الرجل على امرأَته، والمرأَة على بَعْلها تَغار غَيْرة وغَيْراً
(١) قوله [بني أميمة] هكذا في الأصل والأَساس، والذي في الصحاح: بني أمية.
(٢) قوله [وفي حديث محلم] أي حين قتل رجلًا فأبى عيينة بن حصن أن يقبل الدية، فقام رجل من بني ليث فقال: يا رسول الله اني لم أجد الخ. ا ه. من هامش النهاية.