[فصل النون]
  الحديث ذِكْرُ النَّذْرِ مُكرّراً؛ تقول: نذَرْتُ أَنذِرُ وأَنذُر نذْراً إِذا أَوجبتَ على نفسِك شيئاً تبرعاً من عبادة أَو صدقة أَو غيرِ ذلك.
  قال ابن الأَثير: وقد تكرّر في أَحاديثه ذِكْرُ النهي عنه وهو تأْكيدٌ لأَمرِه وتحذيرٌ عن التَّهاوُن به بعد إِيجابه؛ قال: ولو كان معناه الزَّجْرُ عنه حتى لا يُفعلَ لكان في ذلك إِبطالُ حُكمِه وإِسقاطُ لُزُومِ الوَفاء به، إِذْ كان بالنهي يصير معصية فلا يَلزمُ، وإِنما وجه الحديث أَنه قد أَعلمهم أَن ذلك أَمرٌ لا يَجرُّ لهم في العاجل نفعاً ولا يَصرِف عنهم ضَرًّا ولا يَرُدَ قضاء، فقال: لا تَنْذِرُوا على أَنكم تُدرِكون بالنَّذرِ شيئاً لم يُقدِّرْه الله لكم أَو تَصرفون به عنكم ما جرى به القضاء عليكم، فإِذا نذَرْتم ولم تعتقدوا هذا فاخرُجوا عنه بالوَفاء فإِن الذي نذَرْتُمُوه لازم لكم.
  ونَذِرَ بالشيء وبالعدوّ، بكسر الذال، نذْراً: عَلِمَه فحَذِرَه.
  وأَنذَرَه بالأَمر(١) إِنْذاراً ونُذْراً؛ عن كراع واللحياني: أَعلَمَه، والصحيح أَن النُّذْر الاسم والإِنذار المصدرُ.
  وأَنذَره أَيضاً: خوّفه وحذَّره.
  وفي التنزيل العزيز: وأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ؛ وكذلك حكى الزجاجي: أَنذَرْته إِنذاراً ونذِيراً، والجيِّد أَن الإِنذار المصدر، والنذِير الاسم.
  وفي التنزيل العزيز: فستعلمون كيف نَذِير.
  وقوله تعالى: فكيف كان نَذِيرِ؛ معناه فكيف كان إِنذاري.
  والنذِير: اسمُ الإِنذار.
  وقوله تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بالنُّذُرِ؛ قال الزجاج: النُّذُر جمع نَذِير.
  وقوله ø: عُذْراً أَو نُذْراً؛ قرئت: عُذُراً أَو نُذُراً، قال: معناهما المصدر وانتصابُهما على المفعول له، المعنى فالمُلْقِيات ذكراً للإِعذارِ أَو الإِنذار.
  ويقال: أَنذَرْتُه إِنذاراً.
  والنُّذُر: جمع النذِير، وهو الاسم من الإِنذار.
  والنذِيرة: الإِنذار.
  والنذِيرُ: الإِنذار.
  والنذِير: المُنْذِر، والجمع نُذُرٌ، وكذلك النذِيرة؛ قال ساعدة بن جُؤيَّة:
  وإِذا تُحُومِيَ جانبٌ يَرْعَوْنَه ... وإِذا تَجيء نَذِيرة لم يَهْربوا
  وقال أَبو حنيفة: النذيرُ صَوْت القَوْس لأَنه يُنْذِر الرَّمِيَّة؛ وأَنشد لأَوس بن حجر:
  وصَفْراء من نَبْعٍ كأَن نذِيرَها ... إِذا لم تُخفِّضه عن الوَحْشِ، أَفْكَلُ
  وتَناذَر القوم: أَنذر بعضُهم بعضاً، والاسم النُّذْر.
  الجوهري.
  تَناذرَ القومُ كذا أَي خَوّف بعضُهم بعضاً؛ وقال النابغة الذُّبياني يصف حَيَّة وقيل يصف أَن النعمان توعَّده فبات كأَنه لديغ يَتململ على فِراشه:
  فبِتُّ كأَني ساوَرَتْني ضَئِيلَةٌ ... من الرُّقْشِ، في أَنيابِها السُّمُّ ناقِعُ
  تَناذَرَها الرَّاقُون من سُوء سَمِّها ... تُطَلَّقُه طَوْراً، وطَوْراً تُراجِعُ
  ونَذِيرة الجيش: طَلِيعَتُهم الذي يُنْذِرُهم أَمرَ عَدُوّهم أَي يُعلمهم؛ وأَما قول ابن أَحمر:
  كَم دون لَيْلى من تَنُوفِيَّةٍ ... لَمَّاعَةٍ تُنْذَرُ فيها النُّذُرْ
  فيقال: إِنه جمع نَذْر مثل رَهْن ورُهُن.
  ويقال: إِنه جمع نَذِير بمعنى مَنْذُور مثل قَتيل وجَديد.
(١) قوله [وأنذره بالامر الخ] هكذا بالأصل مضبوطاً، وعبارة القاموس مع شرحه: وأَنذره بالأَمر انذاراً ونذراً، بالفتح عن كراع واللحياني ويضم وبضمتين، ونذيراً.