لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الذال المعجمة]

صفحة 350 - الجزء 5

  أَنها هي، يقول: لم تُتِمَّ ما وَعَدْتَ، كما أَن الرَّجْزاء أَرادت النُّهوضَ فلم تَكَد تَنْهَض إِلَّا بعد ارتعاد شديد، ومنه سمي الرَّجَزُ من الشعر لتقارب أَجزائه وقلة حروفه، وقول الراعي يصف الأَثافِيَّ:

  ثَلاث صَلَيْنَ النَّارَ شَهْراً، وأَرْزَمَتْ ... عليهِنَّ رَجْزاءُ القِيام هَدُوجٌ

  يعني ريحاً تَهْدِج لها رَزَمَةٌ أَي صوت.

  ويقال: أَراد برَجزاءِ القِيام قِدْراً كبيرة ثقيلة.

  هَدُوجٌ: سريعة الغَلَيان، قال: وهذا هو الصواب، وقال أَبو النجم:

  حتى تَقُوم تَكَلُّفَ الرَّجْزاءِ

  ويقال للريح إِذا كانت دائمة: إِنها لَرَجْزاءُ، وقد رَجَزَتْ رَجْزاً، والرَّجْزُ: مصدر رَجَز يَرْجُز، قال ابن سيده: والرَّجَزُ شِعْرٌ ابتداء أَجزائه سَبَبان ثم وَتِدٌ، وهو وَزْنٌ يسهل في السَّمْع ويقع في النَّفْس، ولذلك جاز أَن يقع فيه المَشْطور وهو الذي ذهب شَطْره، والمَنْهوك وهو الذي قد ذهب منه أَربعة أَجزائه وبقي جزآن نحو:

  يا ليتني فيها جَذَعْ ... أَخُبُّ فيها وأَضَعْ

  وقد اختلف فيه فزعم قوم أَنه ليس بشِعْر وأَن مَجازه مَجازُ السَّجْع، وهو عند الخليل شِعْر صحيح، ولو جاء منه شيء على جزء واحد لاحتمل الرَّجَزُ ذلك لحسن بنائه.

  وفي التهذيب: وزعم الخليل أَنَّ الرَّجَزَ ليس بشِعْر وإنما هو أَنْصافُ أَبيات وأَثْلاث، ودليل الخليل في ذلك ما روي عن النبي، ، في قوله:

  سَتُبْدِي لك الأَيَّامُ ما كنتَ جاهِلًا ... ويأْتيك من لم تُزَوِّد بالأَخْبار

  قال الخليل: لو كان نصف البيت شعراً ما جرى على لسان النبي، :

  سَتُبْدِي لك الأَيَّامُ ما كنْتَ جاهِلًا

  وجاء بالنصف الثاني على غير تأْليف الشِّعْر، لأَن نصف البيت لا يقال له شِعْر، ولا بيت، ولو جاز أَن يقال لِنِصْف البيت شِعْر لقيل لجزء منه شِعْر، وقد جرى على لسان النبي، : أَنا النبي لا كَذِبْ، أَنا ابن عَبْدِ المُطَّلِبْ قال بعضهم: إنما هو لا كَذِبَ بفتح الباء على الوصل، قال الخليل: فلو كان شِعْراً لم يَجْر على لسان النبي، ، قال اللَّه تعالى: وما علَّمناه الشِّعْر وما ينبغي له، أَي وما يَتَسَهَّلُ له، قال الأَخفش: قول الخليل إِن هذه الأَشياء شِعْر، قال: وأَنا أَقول إِنها ليست بشِعْر، وذكر أَنه هو أَلْزَمَ الخليلَ ما ذكرنا وأَن الخليلَ اعتقده.

  قال الأَزهري: قول الخليل الذي كان بنى عليه أَن الرجز شعر ومعنى قول اللَّه ø: وما علمناه الشعر وما ينبغي له، أَي لم نُعَلِّمه الشِّعْر فيقوله ويَتَدَرَّب فيه حتى يُنْشِئ منه كُتُباً، وليس في إِنشاده، ، البيت والبيتين لغيره ما يبطل هذا لأَن المعنى فيه إِنا لم نجعله شاعراً، قال الخليل: الرَّجَزُ المَشْطُور والمَنْهوك ليسا من الشعر، قال: والمَنْهُوك كقوله: أَنا النَّبيّ لا كَذِبْ.

  والمَشْطُور: الأَنْصاف المُسَجَّعة.

  وفي حديث الوليد بن المُغِيرة حين قالت قريش للنبي، : إِنه شاعِرٌ، فقال: لقد عرفت الشِّعْرَ ورَجَزَه وهَزَجَه وقَرِيضَه فما هو به.

  والرَّجَز: بحر من بحور الشِّعْر معروف ونوعٌ من أَنواعه يكون كل مِصْراع منه مفرداً، وتسمى قصائده أَراجِيزَ، واحدتها أُرْجُوزَةٌ، وهي كهيئة السَّجْع إِلا أَنه في